مصدقًا لما سبقه من الكتب، ويحيى -عليه السلام- مصدقًا بكلمة من الله، كما جاءت في موضع واحد في سورة "الصافات" في قوله تعالى: ﴿إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ * يَقُولُ أَئِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ * أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَدِينُونَ﴾ (الصافات: ٥١ - ٥٣) وفي المتصدقين والمتصدقات نقرأ قول الله في أخوة يوسف ليوسف: ﴿فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ﴾ (يوسف: ٨٨)، وفي ثناء الله على المتصدقين والمتصدقات، وما لكل منهما من الأجر نقرأ في سورة الحديد ﴿إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ﴾ (الحديد: ١٨)، وفي الأحزاب ﴿وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ﴾ إلى أن يقول: ﴿أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا﴾ (الأحزاب: ٣٥).
وإذا كنا نتحدث عن الصدق في القرآن، فإن ماله صلة بموضوعنا هو الآيات التي تتحدَّث عن الصدق في سلوك البشر فتُعلي من قيمة الصدق، وتدعو إلى أن يكون خلقًا لبني الإنسان، ومنهجًا تقوم عليه حياتهم، وقد جاء كتاب الله في هذا الجانب من الجوانب التي تأصّل لحياة آمنة مطمئنة.
وفي هدي النبوة ما يضيف بُعدًا أخر لهذا الذي جاء به كتاب الله -عز وجل- فماذا جاء في سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم؟ نقرأ من (صحيح البخاري) ما رواه بسنده عن طلحة بن عبيد الله: ((أن أعرابيًّا جاء إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سائر الرأس فقال: يا رسول الله، أخبرني ماذا فرض الله علي من الصلاة. فقال: الصلوات الخمس إلا أن تتطوع شيئًا. فقال: أخبرني بما فرض علي من الصيام. فقال: شهر رمضان إلا أن تتطوع شيئًا. فقال: أخبرني بما فرض الله على من الزكاة فقال: فأخبره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شرائع الإسلام قال: والذي أكرمك لا أتطوع شيئًا ولا أنقص مما فرض الله عليَّ شيئًا. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أفلح إن صدق، أو دخل الجنة إن صدق)).