فانظر إلى ختام الآية في قوله: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا﴾ فهؤلاء الذين صدقوا فيما آمنوا به، وفيما التزموا به من شرائع الله، هذا الصدق يهديهم دائمًا إلى البر، ولا شك أن هذا البر الذي التزموا به سوف يؤدّي بهم إلى دخول الجنة، وإن الرجل ليصدق حتى يكون عند الله صديقًا، له جزاء الصديقين، والكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار... إلى آخر ما جاء في هذا الحديث.
أيضًا يروي لنا الإمام الترمذي بسنده عن أبي الجوزاء السعدي قال: قلت للحسن بن علي: ما حفظت من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: حفظت من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((دعْ ما يريبك إلى ما لا يريبك، فإن الصدق طمأنينة، وإن الكذب ريبة))، وفي قوله: ((فإن الصدق طمأنينة)) ما يُبيّن جزاء الصادقين في الدنيا، وجزاؤهم طمأنينة في القلوب، وهذه الطمأنينة يُحرم منها أهل الكذب، فهم دائمًا في حالة ارتياب وفي حالة هلع، فهذا إذا هو ما أعدَّ الله للصادقين في هذه الدنيا.
أيضًا يروي لنا الإمام أحمد عن عبد الله بن عمر: ((أن رجلًا جاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله ما عمل الجنة؟ قال: الصدق، وإذا صدق العبد برَّ، وإذا برَّ آمن، وإذا آمن دخل الجنة. قال: يا رسول الله؛ ما عمل النار؟ قال: الكذب، إذا كذب العبد فجر، وإذا فجر كفر، وإذا كفر دخل)) يعني: النار.
الصدق إذًا هو طريق الجنة، وهو باب البر، وهو وسيلة الإيمان، والكذب بخلاف ذلك، وعن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يجتمع الإيمان والكفر في قلب امرئ، ولا يجتمع الصدق والكذب جميعًا، ولا تجتمع الخيانة والأمانة جميعًا)) فهذا الصدق وهذا الكذب لا يجتمعان على الإطلاق في قلب إنسان مؤمن؛ لذلك كان الصدق وسيلة إلى حياة آمنة مستقرة مطمئنة.