كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} (التوبة: ٢٤) إلى آخر الآية. وقد وردت أيضًا بمعنى الصاحب الملازم لصاحبه، وهذا قول الله تعالى في المشركين وعبادتهم لأصنامهم: ﴿لَبِئْسَ الْمَوْلَى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ﴾ (الحج: ١٣).
لكنك قد تجد الحديث عن حسن العشرة حين تقرأ الآيات التي تتحدث عن الطلاق فتقول: ﴿الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ﴾ (البقرة: ٢٢٩). وتقول: ﴿لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ * وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ (البقرة: ٢٣٦، ٢٣٧). ويقول: ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ (البقرة: ٢٢٨).
وهكذا نجد هذا التوجيه القرآني في الآيات التي تتحدث عن حضانة الأم لطفلها، وما لها من حقوق في ذلك، وعن المطلقات وما لهن من متعة بالمعروف، وهذه توجيهات تأتي في حالة الطلاق، وأن الواجب أن يتم هذا دون ضرر لأحد الطرفين؛ لتبقى المودة بين الناس وإن انتهت بهذا الطلاق، ونحن كما تعلمون نتناول موضوع العشرة التي تعني أسرة من زوج وزوجة، يعيشان في جو من السعادة والأمان.
ولا يتم ذلك إلا إذا قامت الحياة بينهما على المعروف، بأن يؤدي كل واحد منهما لصاحبه ما يُدْخِل السرور على قلبه، ولا يكون هذا إلا بأن يعرف كل منهما ما عليه من حقوق للآخر، وما بينهما من حقوق مشتركة، فتؤدى هذه الحقوق في إطار من المحبة، وحرص كل منهما أن يؤديها لصاحبه على وجه التمام والكمال.


الصفحة التالية
Icon