نفورًا وبغضًا بين أسرتين بما فيهما الآباء والأمهات والإخوة والأخوات، وما إلى ذلك، وقد كان أفراد كل أسرة إذا ما التقوا وجدتهم أصهارًا متحابين، يعانق كل منهم الآخر في ود ظاهر وسعادة غامرة، فماذا عن حالهم بعد هذه النكبة التي حلت بابنهم وابنتهم؟!.
درسنا نظام الأسرة في القرآن، وكيف تكون عشرة الرجل مع أهله، وكيف تكون عشرة الزوجة مع زوجها، ورأينا خطة محكمة وضع كتاب الله خطواتها، وبيّن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مراحل تنفيذها، وبدأت هذه الخطة بإعداد الفرد المسلم في بيته من أول لحظات اختيار الأبوين كل منهما للآخر، فقَل أن ينبت في البيت الفاسد أبناء بررة، وإذا طاب أصل المرء طابت فروعه، ومن عجب جادت يد الشوك بالورد.
فهذا إذًا أول الأسباب في أن الاختيار لم يكن موفقًا، وعلاجه حسن الاختيار للبيئة التي تربى فيها كل من الزوج والزوجة، وقريب من هذا السبب لحظات الاختيار حين الإقدام على الزواج، وقد أرشد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في اختيار الفتاة إلى دينها، وعرض إلى ما يُرَغِّب الناس في الزواج من ذات المال والجمال والحسب، وبيّن أن هذا لا مانع من طلبه، لكن بشرط أن يكون الدين في المقدمة، حارسًا وحافظًا للمال والجمال والحسب، وإلا كان المال لها طغيانًا وإذلالًا لزوجها، وكان الجمال انحرافًا وغيرة قاتلة وهمًّا عظيمًا، وكان الحسب تعاليًا وكبرًا وغرورًا، ولذلك قال -صلى الله عليه وسلم-: ((فاظفر بذات الدين ترتب يداك)) أي: التصقت يداك بالتراب إن لم تظفر بذات الدين، وهو كناية عن الخسارة والضياع.
فليتساءل عمن أساءت زوجته عشرتها معه، فعاملته بالغلظة والتعالي والغطرسة، والمنِّ عليه بمالها وحسبها، على أي أساس كان اختياره لها، هل طلب ذات


الصفحة التالية
Icon