ولم يمضِ وقت طويل حتى تحقق ما ذكره هذا الرجل الصالح، وإذا بثمر هذا الإنسان الكافر وجنتيه تنزل المياه الغزيرة، فتدمر هاتين الحديقتين.
نظر هذا الرجل نظرة الآسف الحزين: ﴿فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا﴾ (الكهف: ٤٢) لقد انتهت قصة هاتين الجنتين، وكل جنة منهما خاوية على عروشها، والرجل واقف يندم على ما كان منه، ويقول: ﴿يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا﴾ (الكهف: ٤٢) ولعلك ترى أنه لم تكن له فئة ولا جماعة ولا أحد ينصرونه من دون الله، وما كان هذا الرجل لينتصر بنفسه؛ لأن الله هو القوي القادر.
وتختم القصة بقوله: ﴿هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا﴾ (الكهف: ٤٤) فالثواب الحقيقي من عند الله، والعاقبة الحميدة من عند الله، ثم يأتي قوله تعالى: ﴿وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا * الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا﴾ (الكهف: ٤٥، ٤٦).
يأتي هذا الختام ليبين حقيقة من حقائق هذا الدين، وأن الدنيا إلى زوال، وأنها ملك لله، وأن المال والبنون زينة الحياة الدنيا، ولكن يجب على الإنسان الواعي أن يعلم أن الباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابًا وخير أملًا؛ لأن الباقيات الصالحات سبب للنجاة في الآخرة، والنجاة في الآخرة مطلب لأهل الإيمان.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.