﴿رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ﴾ (الكهف: ١٩) والمتنازعون في أمرهم قالوا: ﴿رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ﴾ (الكهف: ٢١) أو أن هذا من كلام الله ردًّا على هؤلاء المتنازعين.
ولما ذكر اختلاف الناس في عددهم قال: ﴿قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ﴾ (الكهف: ٢٢) وفي مدة بقائهم في الكهف قال: ﴿قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا﴾ (الكهف: ٢٦) مع أنه قال: ﴿وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا﴾ (الكهف: ٢٥) لكن هذا يجب ألا يشغل بال المسلم؛ لأنه لا يترتب على طول المدة أو قصرها فائدة، فهذا عالم الغيب يتضح كله في هذه القصة.
وبعد جملة من التوجيهات تأتي قصة صاحب الجنتين، فلا نعرف من هو ولا من صاحبه، ولا في أي مكان ولا في أي زمان كان ذلك، وفيها ما يجب أن يكون عليه المؤمن من الثقة في الله، وتفويض الأمر له بعد شكره على ما أنعم: ﴿وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ﴾ (الكهف: ٣٩).
وبعد هذه القصة يأتي الحديث عن يوم القيامة وحساب الخلائق، وما كان في الملأ الأعلى من قصة الخلق الأول، وموقف إبليس من السجود لآدم، وكل ذلك غيب، بل إن خلق السموات والأرض وخلق المخلوقات سر لا يعلمه إلا الله، وما طلب رب العزة والجلال من هؤلاء المضلين مساعدة ليخلق ما خلق.
ويأتي الحديث عن موقف المشركين يوم القيامة من شركائهم، وما ينتظرهم من عذاب النار، وأن الله -جل وعلا- لم يترك حجة لمحتج، وصرف في هذا القرآن من كل مثل، وكان الإنسان أكثر شيء جدلًا، وأن الناس لجهلهم لم يستجيبوا للمرسلين، وإنما جادلوا بالباطل ﴿لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَمَا أُنْذِرُوا هُزُوًا﴾ (الكهف: ٥٦) -كما قال ربنا.