يحافظ على دينه وعلى عقيدته، ويبذل أقصى ما في وسعه في عمل الصالحات ليبقى له هذا رصيدًا في ذريته.
أيضًا في قول الله تعالى: ﴿وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي﴾ (الكهف: ٨٢) ما يدلك على أن هذا كان بأمر الله سبحانه وتعالى، وهذا شاهد قوي على أن الخضر كان نبيًّا، مع ما تقدم من قول الله تعالى: ﴿فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا﴾ (الكهف: ٦٥).
بل إن آخرين قالوا بأنه كان رسولًا، فهذا هو الذي يجب أن يفهم في هذا؛ لأن موسى -عليه السلام- لا يأخذ وهو نبي مرسل مكلم، لا يأخذ علمه ممن هو أدنى منه، فهذا درس يجب أن نعيه وأن نفهمه في هذا المقام، حتى لا نترك الفرصة لمن يدعون بأنهم مكلمون، وأنهم ملهمون، وأنهم يفعلون أشياء لا توافق الشريعة، وأن علماء الشريعة عليهم أن يكونوا مفوِّضين لعلماء الحقيقة، والإسلام لا يعرف الفرق بين الحقيقة والشريعة، الحقيقة والشريعة كلها في نظر الإسلام سواء، يجب أن تكون محكومة بكتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- ولذلك قال السلف: إذا رأيت أحد الناس يطير في الهواء، أو يمشي على الماء، فلا تعتقدوا فيه إلا إذا قستم حاله على كتاب الله وسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم.
ولعلنا رأينا في قصة الخضر -عليه السلام- أن الله سبحانه وتعالى قال فيه: ﴿فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا﴾ (الكهف: ٦٥) فوصف الخضر بأنه عبد من عباد الله، وأن الله آتاه رحمة من عنده، وعلمه من لدنه هذا العلم العظيم، فهذا مما يرشدك إلى أنه لم يكن متجاوزًا للشريعة، ولم يكن خارجًا على حدودها، إنما هو عبد من عباد الله.
كما أن الأنبياء جميعًا كانوا عبادًا من عباد الله، ولعلكم تقرءون كثيرًا في القرآن قول الله تعالى في داود: {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُدَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ