ويقول أبو حيان في (البحر المحيط): "المثل القول السائر الذي فيه غرابة من بعض الوجوه، وقيل المثل ذكر وصف ظاهر محسوس وغير محسوس، يستدل به على وصف مشابه له من بعض الوجوه، فيه نوع من الخفاء؛ ليصير في الذهن مساويًا للأول في الظهور من وجه دون وجه"، ثم يواصل أبو حيان حديثه فيبين أهمية المثل وفوائده فيقول: "والمقصود من ذكر المثل أنّه يؤثّر في القلوب ما لا يؤثّره وصف الشيء في نفسه؛ لأن الغرض من ضرب المثل تشبيه الخفي بالجلي، والغائب بالشاهد، فيتأكّد الوقوف على ماهيته، ويصير الحس مطابقًا للعقل".
ويقول عبد القاهر الجرجاني في (أسرار البلاغة): "اعلم أنّ ما اتفق العقلاء عليه هو أنّ التمثيل إذا جاء في أعقاب المعاني، أو برزت هي باختصار في معرضه، ونُقِلَت عن صورها الأصلية إلى صورته، كساها أبهة، ورفع من أقدارها، وضاعف قواها في تحريك النفوس لها"، ويشرح عبد القاهر ذلك فيقول: "فإن كان مدحًا كان أبهى وأفخم وأنبل في النفوس، وأسرع للإلف، وأغلب على الممتدح، وأوجب شفاعة للمادح، وإن كان ذمًّا كان مسه أوجع، وميسمه ألذع، ووقعه أشد، وحده أحد، وإن كان حجاجًا، كان برهانه أنور، وسلطانه أقهر، وبيانه أبهر، وإن كان افتخارًا، كان شأوه أبعد، وشرفه أجد، ولسانه أند، وإن كان اعتذارًا كان إلى القبول أقرب، وللقلوب أخلب، وللسخائم أسل، وإن كان وعظًا، كان أشفى للصدر، وأدعى إلى الفكر، وأبلغ في التنبيه والزجر".
وإذا أجلنا النظر فيما وَرَد في القرآن من أمثال، وفي الحكمة من إيرادها، سوف نرى أن الله يسوقها تذكرة وعبرة وعظة لمن كان له عقل يفكِّر، وقلب خافق يشعر