بسم الله الرحمن الرحيم

الدرس الثامن عشر
(منهج الأنبياء في الدعوة إلى الله)
الحكمة من خلق الإنسان
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فنتناول نماذج من دعوة الرسل -عليهم السلام-:
لو تأملنا في كتاب الله لعلمنا أن الله خلق الإنسان لغاية، هي أن يكون خليفة في الأرض يعمِّرها وفق منهج الله، فخلق لذلك آدم -عليه السلام- وعلمه الأسماء كلها، وأسجد له الملائكة، وأسكنه جنته، وخلق له من ضلعه الأيسر رفيقة دربه وهي حواء، وبعد التجربة التي تمت لآدم وحواء في الجنة هبطا إلى الأرض، وكان هناك إبليس، الذي عصى ربه فلم يسجد لآدم، وقال في تعليل عدم سجوده: ﴿أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ﴾ (الأعراف: ١٢) قال ربنا: ﴿فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ * قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ * قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ * قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ﴾ (الأعراف: ١٣ - ١٨).
وبدأت قصة الحياة على وجه الأرض بآدم وحواء وإبليس، في قصة صراع بين الخير والشر، والحق والباطل، وقانونها ﴿فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى * وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى﴾ (طه: ١٢٣: ١٢٧).
واقرءوا قصة الخلق الأول في "البقرة" و"الأعراف" و"طه" و"ص"، واقرءوا إشارات تحذيرية من الشيطان وكيده في "النساء" و"الإسراء" و"الكهف"، وآدم أوّل نبي في هذه الأرض، جاء ومعه منهج ربه، فربَّى على هذا المنهج أبناءه


الصفحة التالية
Icon