تنتهي بالموت، وأنهم إذا ماتوا فلا شيء وراء ذلك، فكيف استطاع رسل الله أن يقتلعوا هذه العقيدة الفاسدة من قلوب وعقول هؤلاء الضالين.
في القرآن ترى أنّ الله يبين أنه لم يخلق خلقه عبثًا ﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ﴾ (المؤمنون: ١١٥) وليس من الحكمة أن يخلق الله الخلق، وبمجرد أن تنتهي حياتهم في هذه الدنيا ويموتون، ينتهي كل شيء، فلا حساب ولا جزاء؛ إذ كيف يكون الموت نهاية قصة الإنسان على هذه الأرض، وهناك الظالم والمظلوم، والكافر والمؤمن، والطائع والعاصي، وهناك التفاوت في حظوظ هذه الدنيا وفي عطاءات الله لخلقه، هناك من يولد وفي فمه ملعقة من ذهب، تستقبله نعم الله وأفضاله فيحيى منعّمًا، وآخر وُلِد على فراش الجوع والمسغبة، بل ربما ولد لا يعرف له أبًا ولا أمًا، وهناك من رزقه الله الصحة والعافية والأبناء الأصحاء، وآخر حُرِم من ذلك، والكل يموت، فهل في عدل الله أن يترك هؤلاء جميعًا لا يحاسبهم بعد أن يغادروا هذه الحياة الدنيا.
لقد بدأ علاج هذا الاعتقاد الخاطئ بسؤال الكافرين عمّن خلقهم، وعمّن خلق السموات والأرض، وهم لا ينكرون بأن الله هو الخالق وهو الرازق، يقول تعالى: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ﴾ (العنكبوت: ٦١) ويقول: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ﴾ (العنكبوت: ٦٣)، وقال في "لقمان" و"الزمر": ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ﴾ (لقمان: ٢٥)، وقال في "الزخرف": ﴿لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ﴾ (الزخرف: ٩)، وفيها: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ﴾ (الزخرف: ٨٧)، ويعقب على هذه الآيات بقوله: ﴿فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ﴾ (الزخرف: ٨٧)، أو ﴿قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ﴾ (العنكبوت: ٦٣)، أو ﴿بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ (لقمان: ٢٥).


الصفحة التالية
Icon