وفي الآيات التي تتحدث عن مشاهد يوم القيامة، وما يكون فيه من فوز المؤمنين وخسارة الكافرين، وما فيه من تأنيب للكافرين لجهلهم ونسيانهم لربهم وعنادهم، وما يكون هناك من تلاوم بين المستكبرين والمستضعفين، في ذلك كله إثبات ليوم البعث والحشر والحساب والجزاء واليوم الآخر، وهو منهج إلهي ذكره الله في كتابه وتلاه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على أسماع الناس، واستمرّ يتلوه آناء الليل وأطراف النهار، وعلّمه للمسلمين فكان منهجهم في الدعوة إلى الله، كما كان منهج رسولهم، وفي تكرار الآيات بما فيها من روعة البيان الذي أعجز الفصحاء والبلغاء ما يفتح الطريق للقلوب لتستجيب لهذا النداء.
وإذا نجح الرسل في إقناع الناس بأنّ الله هو الإله الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، وإذا استطاعوا أن يفتحوا الطريق للإيمان بما يتبع ذلك من الإيمان بأن الله له ملائكة لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، وأنه أرسل رسلًا وأنزل عليهم كتبًا فيها هدى ونور، وأن هناك بعد هذه الحياة حياة أخرى يجزى فيها المحسن بإحسانه، والمسيء بإساءته، إذا نجح الرسل في ذلك انتقلوا بالمؤمنين إلى آفاق رحيبة، في خطة تشمل عدة جوانب، جانب البناء الأخلاقي، وجانب التعبد للإله الذي آمنوا به، وجانب التعامل مع الآخرين، إلى جوانب أخرى في العلاقات الاقتصادية والسياسية والإنسانية والدولية، وكل ذلك وفق منهج مرسوم واضح السمات والقسمات والأبعاد، لا يضل ولا يختلط بغيره، في بيان جليّ، من أخذ به سعد وأجر، ومن تركه متجبرًا متكبرًا، يظن أنه يستطيع أن يرسم حياته بنفسه وأن يخطط لوجوده في هذه الأرض بعيدًا عن وحي السماء، من فعل ذلك قصمه الله كما جاء ذلك في حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.


الصفحة التالية
Icon