ومرت ساعات النهار وغابت الشمس، فلما أفلت كان قد تم له ما أراد، فإن الإله لا يغيب، وهناك إذًا الإله الذي يدبر هذه الكواكب، والذي أوجدها وأمدها بالضياء، لذلك قال: ﴿يَا قَوْم إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ﴾ (الأنعام: ٧٨) وأعلن لهم وجهته ومن يعبد فقال: ﴿إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ (الأنعام: ٧٩).
ولم يقتنع قومه بهذا الدليل الساطع والبرهان القاطع، فأخذوا يجادلونه ويحاجونه قال: ﴿أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِي وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ * وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ﴾ (الأنعام: ٨٠ - ٨٢) وقد عقب الله على ذلك فقال: ﴿وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ﴾ (الأنعام: ٨٣).
وفي طريقة إبراهيم في إقامة الحجة على المشركين، الكثير من الدروس النافعة التي لا يتسع الوقت لذكرها.
دعوة موسى -عليه السلام-
وقد ذكر موسى في القرآن ستًّا وثلاثين ومائة مرة، كالتالي:
إحدى وعشرون في "الأعراف"، ثماني عشرة في "القصص"، سبعة عشرة في "طه"، ثلاث عشرة في "البقرة"، ثماني مرات في كل من "يونس" و"الشعراء"، خمس مرات في "غافر"، ثلاث مرات في كل من "النساء" و"المائدة" و"الأنعام" و"هود" و"إبراهيم" و"الإسراء" و"النمل"، ومرتين في كل من "الكهف" و"المؤمنون"