﴿كَيْفَ تَحْكُمُونَ﴾ وما في ذلك من تجهيل لهم، وبيان لحكمهم المخالف للفكر السليم والرأي الرشيد، وهكذا يحكم الله على عقائدهم بأنها لا تقوم على دليل، وما هي إلا ظنون وأوهام، والظنون والأوهام لا تصلح في مجال المقارنة بالحق، وعليهم أن يدركوا أن الله عليم بما يفعلون، وسوف يحاسبهم على ذلك حسابًا عسيرًا، فهل يدرك ذلك الكافرون.
وآيات القرآن في مثل ذلك كثيرة، ومنهج القرآن الذي رأيناه في إثبات العقيدة، هو ما نراه في إثبات البعث وإثبات الرسالة، بل هذا هو منهجه في دعوته لمكارم الأخلاق، والالتزام بما شرع الله، وكل جانب من هذه الجوانب يحتاج إلى لقاءات وكتابات ومحاضرات.
وهذه آيات في إثبات البعث، تقرؤها من سورة "ق"؛ حيث يقول ربنا: ﴿ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ * بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ * أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ * قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ * بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ * أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ﴾ (ق: ١ - ٦) إلى أن يقول ربنا -سبحانه وتعالى-: ﴿وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ * رِزْقًا لِلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ الْخُرُوجُ﴾ (ق: ١٠، ١١).
فترى أنه -سبحانه وتعالى- يسوق كلام المشركين وتعجبهم في موقف الإنكار، حين يقولون: ﴿هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ * أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ﴾ فظنوا أن هذا من الأمور التي لا يصدقها عقل، ولكن الله القوي القادر القاهر قال: ﴿قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ﴾ فكل ذرة من ذرات هذا الجسد، ذهبت في ذرات التراب، الله -سبحانه وتعالى- يعلمها، وسوف يجمعها ليعيد بناء الإنسان من جديد ليحشر وليحاسب.