أكون ما كان البر منه
قيل: أراد به الفؤاد، وليس كذلك، بل أراد ما تقدم؛ أي يحبني محبة البر، ويقال: بر أباه فهو بار وبر، مثل صائف وصيف وطائف وطيف، وعلى هذا قوله تعالى: ﴿وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ﴾ (مريم: ١٤) وبرا بوالدتي، وبر في يمينه فهو بار، وأبررته وبر يميني، وحج مبرور أي مقبول، وجمع البار أبرار وبررة قال تعالى: ﴿إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ﴾ (الانفطار: ١٣). وقال: ﴿كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ﴾ (المطففين: ١٨). وقال في صفة الملائكة: ﴿كِرَامٍ بَرَرَة﴾ (عبس: ١٦) فبررة خص بها الملائكة في القرآن من حيث أنه أبلغ من أبرار؛ فإنه جمع بر وأبرار جمع بار، وبر أبلغ من بار، كما أن عدلًا أبلغ من عادل، والبر معروف، وتسميته بذلك لكونه أوسع ما يحتاج إليه في الغذاء... إلى آخر ما قال عليه رحمة الله.
من خلال هذا العرض لكلمتي الإحسان والبر في لغتنا العربية- يتضح لنا أن الإحسان معناه أن يبذل الشخص أقصى ما في وسعه حتى يصل إلى درجة التجويد في ما يؤديه من قول أو فعل، وأن البر معناه الطاعة والتوسع في الخير، وهذا التوسع على الأبناء أن يصلوا به إلى درجة تنشرح لها وبها صدور آبائهم؛ ليصلوا من هذا البر وبهذا البر إلى درجة الإحسان.
الإحسان إلى الوالدين في القرآن الكريم
وقد وردت هذه الوصية في القرآن في ستة مواضع:
أولها: في سورة "البقرة" في قول الله تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ﴾ (البقرة: ٨٣) فهذه إذًا وصية الله لبني إسرائيل، فهي وصية