وطاعة رسوله -صلى الله عليه وسلم- بدّ، فأتيتهم فدعوتهم، فأقبلوا فاستأذنوا فأذن لهم وأخذوا مجالسهم من البيت، قال: يا أبا هر، قلت: لبيك يا رسول الله، قال: خذ فأعطهم، قال: فأخذت القدح فجعلت أعطيه الرجل فيشرب حتى يروى، ثم يرد علي القدح فأعطيه الرجل فيشرب حتى يروى، ثم يرد علي القدح فيشرب حتى يروى، ثم يرد علي القدح حتى انتهيت إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وقد روي القوم كلهم، فأخذ القدح فوضعه على يده فنظر إلي فتبسم فقال: أبا هر، قلت: لبيك يا رسول الله، قال: بقيت أنا وأنت، قال: صدقت يا رسول الله، قال: اقعد فاشرب، فقعدت فشربت فقال: اشرب، فشربت فما زال يقول: اشرب حتى قلت: لا والذي بعثك بالحق، ما أجد له مسلكًا، قال: فأدن فأعطيته القدح، فحمد الله وسمى وشرب الفضل)).
هذه معجزة عظيمة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، كيف أن هذا القدح وفيه هذا القدر من اللبن يكفي هذا الجمع الغفير من أهل الصفة، وعددهم عدد كبير! وكيف أن أبا هريرة شرب حتى شبع من هذا اللبن وأقسم قائلًا: والذي بعثك بالحق ما أجد له مسلكًا!.
وفي هذا نرى كيف يكون إكرام الضيف من خلال هذا الحديث، وأن توكل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على ربه وثقة رسول الله في عطاء الله له جعله ينادي على أهل الصفة وهو واثق أن الله -سبحانه وتعالى- سوف يبارك له في هذا القدر القليل من اللبن؛ ليكفي هذا العدد الكثير، فصلوات الله وسلامه على رسول الله -صلى الله عليه وسلم.
يروي الإمام مسلم عن عبد الرحمن بن أبي بكر قال: ((نزل علينا أضياف لنا قال: وكان أبي يتحدث إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الليل قال: فانطلق وقال: يا عبد الرحمن، افرغ من أضيافك، قال: فلما أمسيت جئنا بقراهم -أي بما