الخامس: أن يقدم من الطعام قدر الكفاية، فإن التقليل نقص في المروءة، والزيادة عليه تصنع ومراءاة لا سيما إذا كانت نفسه لا تسمح بأن يأكل الكل، إلا أن يقدم الكثير وهو طيب النفس لو أخذ الجميع ولو أن يتبرك بفضلة طعامهم.
يبقى لنا الأمر الأخير وهو الانصراف، وقد ذكر له ثلاثة آداب:
أولها: أن يخرج مع الضيف إلى باب الدار، وهو سنة وذلك من إكرام الضيف، وقد أمر بإكرامه -عليه الصلاة والسلام- فقال: ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه)) وقال -عليه السلام-: ((إن من سنة الضيف أن يشيّع إلى باب الدار)) قال أبو قتادة: ((قدم وفد النجاشي على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقام يخدمهم بنفسه فقال له أصحابه: نحن نكفيك يا رسول الله، فقال: كلا إنهم كانوا لأصحابي مكرمين، وأنا أحب أن أكافئهم)).
وتمام الإكرام طلاقة الوجه وطيب الحديث عند الدخول والخروج وعلى المائدة.
الثاني: أن ينصرف الضيف طيب النفس وإن يرى في حقه تقصير.
الثالث: ألا يخرج إلا برضا صاحب المنزل وإذنه، ويراعي قلبه في قدر الإقامة، وإذا نزل ضيفًا فلا يزيد على ثلاثة أيام، فربما يتبرم به ويحتاج إلى إخراجه، قال -صلى الله عليه وسلم-: ((الضيافة ثلاثة أيام، فما زاد فصدقة)) نعم، لو ألح رب البيت عليه -كما قلنا- عن خلوص قلب فله المقام إذ ذاك، ويستحب أن يكون عنده فراش للضيف النازل به.
هذه جملة من الآداب ذكرها الإمام الغزالي، وذكرنا من الأحاديث ما ذكرنا، ولو أدينا حق الضيافة لشاع في مجتمعنا الأمن والسلام والاستقرار، ولكانت الأخوة هي المنهج وهي الطريق لأمة الإسلام.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.