واليمن، قالوا: ومتى تراه؟ قال: فنظر إليّ وأنا من أحدثهم سنًّا فقال: إن يستنفد هذا الغلام عمره يدركه، قال سلمة: فوالله ما ذهب الليل والنهار حتى بعث الله تعالى رسوله -صلى الله عليه وسلم- وهو -أي: هذا اليهودي- حي بين أظهرنا، فآمنّا به وكفرَ به بغيًا وحسدًا، فقلنا: ويلك يا فلان! ألست بالذي قلت لنا فيه ما قلت؟ قال: بلى وليس به".
في هذا الحديث الشريف نرى أن هذا الجار -من اليهود في بني عبد الأشهل- كان يعرف أن محمدًا قد قرب زمانه، هكذا قرأ في التوراة كما قال تعالى: ﴿يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ﴾ (الأعراف: ١٥٧) إلى آخر الآية الكريمة، فهذا جار جاء إلى جيرانه أخذ ينصحهم ولكن حسده غلب عليه، فلم يؤمن برسول الله -صلى الله عليه وسلم.
يروي الإمام أحمد عن مطرف بن عبد الله قال: "بلغني عن أبي ذر حديثه، فكنت أحب أن ألقاه فلقيته فقلت له: يا أبا ذر، بلغني عنك حديث فكنت أحب أن ألقاك فأسألك عنه، فقال: قد لقيت فاسأل، قلت: بلغني أنك تقول: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((ثلاثة يحبهم الله عز وجل، وثلاثة يبغضهم الله عز وجل)) قال: نعم، قال: فما خالني أن أكذب على خليلي محمد -صلى الله عليه وسلم- ثلاث يقولها، قال: قلت: من الثلاثة الذين يحبهم الله عز وجل؟ قال: رجل غزا في سبيل الله، فلقي العدو مجاهدًا محتسبًا فقاتل حتى قتل وأنتم تجدون في كتاب الله -عز وجل-: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا﴾ (الصف: ٤)، ورجل له جار يؤذيه فيصبر على أذاه ويحتسبه حتى يكفيه الله إياه بموت أو حياة، ورجل يكون مع قوم فيسيرون حتى يشق عليهم الكرى أو النعاس، فينزلون في آخر الليل فيقوم