المقدمة التي ندخل بها إلى هذا العلم:
القرآن الكريم كتاب الله تعالى الذي أنزله على رسوله -صلى الله عليه وسلم- ليكون هدايةً للعالمين، وهذا القرآن الذي أنزله ربنا قد تكفل بحفظه فقال -جل وعلا-: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ (الحجر: ٩)، وقد كلف الله -جل وعلا- رسوله محمدًا -صلى الله عليه وسلم- أن يبين، وأن يفسر، وأن يشرح للناس كما قال -جل وعلا-: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾ (النحل: ٤٤) كما تكفل له ربه: ﴿إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ﴾ (القيامة: ١٧ - ١٩).
هذا الرسول الكريم -صلوات الله وسلامه عليه- بلغ وبين، وعلم الأمة، وتبعه أصحابه -رضوان الله عليهم- فكان من الصحابة جمع اشتهر بالتفسير هؤلاء، هم أعلام الهدى وأئمة التفسير: عبد الله بن عباس حبر الأمة، علي بن أبي طالب، عبد الله بن مسعود، أبي بن كعب، وزيد بن ثابت، وعبد الله بن عمر، وابن عمرو وغيرهم.
وكانوا دائمًا يقرءون ويعملون ويشرحون ويفسرون القرآن الكريم لمن حولهم من التابعين، حتى عرف أن عبد الله بن عباس كانت له مدرسته في مكة المكرمة، وله تلاميذه، وعبد الله بن مسعود كانت مدرسته في الكوفة، وأبي كان مدرسته في المدينة المنورة -على ساكنها أفضل الصلاة والسلام.
ومما لا يخفى أن معرفة التفسير والوقوف على هدايات القرآن الكريم من أعظم الغايات، وأشرف المقاصد؛ ولذلك نجد صاحب (الإتقان) الإمام السيوطي عقد فصلًا كاملًا عن شرف علم التفسير لعله الباب السابع والسبعون، وتطرق لقوله سبحانه: ﴿يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا﴾ (البقرة: ٢٦٩) ونقل لنا ما رواه عن ابن عباس قال عن الحكمة: "المعرفة بالقرآن: حلاله وحرامه، ناسخه ومنسوخه، محكمه ومتشابهه، مقدمه ومؤخره، وأمثال القرآن وقصصه". ونحو ذلك.