ذكر بعض المفسرين أن إرم ذات العماد مدينة عظيمة، ودخل في هذه القصة خرافات لبني إسرائيل من وضع زنادقتهم، وعندما نقرأ الآيات نعرف أن التفسير الصحيح لقوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ﴾ أن هذه القبيلة أو هؤلاء الناس سواء كانت إرم اسم القبيلة أو اسم جدهم الكبير، أو اسم البلد إ ن الله - عز وجل - أهلكهم بعدما عصوا الله - سبحانه وتعالى - وطغوا في البلاد وأكثروا فيها الفساد، والآيات في هذا كثيرة جد ًّ ا.
كلمة إرم تسمية لهم ب اسم جدهم، ولمن بعدهم، فإرم إذًا عطف بيان لكلمة عاد: ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ﴾ هي عطف بيان لهم، وبيان أنهم عاد الأولى القديمة.
﴿إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ﴾، ﴿ذَاتِ الْعِمَادِ﴾: كانوا بدوًا بين أهل عمد، أو كانوا طوال الأجسام، هذا ما ذكره المفسرون، كانوا قوم ًا أشداءً وأقوياء ً، وهذا القول واضح لكن دع اكثير من المفسرين أن ينقلوا كلام ًا مبالغًا فيه، فمما ورد عنهم، الأصح طبع ً اأن هذا القول هو قوم أقوياء البدن، ولهم أعمال في الأرض قوية، ودعاهم نبيهم إلى عبادة الله وحده، وذكرهم بنعمه عليهم، وأن يسخروا نعمة الله في طاعته، فكما قال ربنا: ﴿وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ (الأعراف: ٦٩) وقال أيضًا: ﴿فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا﴾ وقال تعالى عنهم: ﴿الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ﴾ هذه الآيات تشير إلى أن المراد بعاد إرم هي القبيلة المعروفة المشهورة التي لم يخلق م ثلها في بلادهم، ولا في زمانهم؛ لقوتهم وشدتهم، وعظم تركيبهم؛ وأيضًا لأن الآية بعدها تقول: ﴿وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِي﴾ (الفجر: ٩) فذكر قبيلة ثمود.


الصفحة التالية
Icon