من هذا العطاء أن الله سخر لسليمان الطير، وهذا الهدهد الذي كان يرسل بمأموريات خاصة، فيرجع بتقارير ويرجع بتكاليف يكلف بها، وهذا موقف من مواقفه، جاء الهدهد فأخبر نبيَّ الله سليمانَ: ﴿أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ﴾ المفسرون، ومنهم العلامة الألوسي رغم أنه يم ي ّز بين الغث ّ والسمين، قال: وفي بعض الآثار أن سليمان -عليه السلام- لما لم ير َ الهدهد دع اعريفَ الطير وهو النسر، فسأله فلم يجد عنده علم ًا، ثم قال لسيد الطير وهو العُقاب: علي به، فارتفعت فنظرت، فإذا هو مقبل فقصدته فناشدها الله تعالى، وقال: بحق الله الذي قواكِ وأقدرك علي إلا رحمتيني فتركته، وقالت: ثكلتك أمك، إن نبي الله تع الى قد حلف ليعذبنك أو ليذبحنك، قال: وما استثنى؟ قلت: بلى، قال: ﴿أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ﴾ ف قال: نجوت إذًا، فلما قرب من سليمان أرخى ذَنَبه وجناحيه يجرهما على الأرض؛ تواضعًا له، فلما دَن َا منه أخذ برأسه فمد َّ هـ إليه، فقال: يا نبي الله، اذكر وقوفك بين يدي الله -عز وجل- فارتعد سليمان وعف اعنه. وعن عِكرمة أنه عف اعنه؛ لأنه كان بار ًّا بأبويه يأتيهما بالطعام فيذقهما لكبرهما.
والقصة -كما ترى- ظاهر عليها أمارات الوضع، فمن الذي نقل لنا حوار الطير، وترجم لنا منطقه؟ ومن الذي عرف قتادة أن الهدهد كان بارًّا بأبويه، وأنه من أجل ذلك عفا عنه سليمان؟ ترى القصة موضوعة ولا شك.
ولكن العلامة الألوسي في هذا الموضع على غير عادته يرويها، ولا يعقب عليها بما يفيد بطلانها، نعم العلامة الألوسي من أعظم المفسرين، ومن أنزههم عندما يعرض الإسرائيليات فيفرزها ويمحصها، ويعقب عليها، لكن أفلتت منه بعض الإسرائيليات، هذا الموقف منها.


الصفحة التالية
Icon