أهل الدنيا في دنياهم فتضايقوا فيها، ربي فآتني مثل كل شيء كانوا فيه من يوم خلقتها إلى أن انتهت الدنيا، فيقول الله تعالى: لقد قصرت بك أمنيتك، ولقد سألت دون منزلتك، هذا لك مني؛ لأنه ليس في عطائي نكد ولا قصر يد.
قال: ثم يقول: اعرضوا على عبادي ما لم يبلغ أمانيهم ولم يخطر لهم على بال، قال: فيعرضون عليهم حتى تقصر بهم أمانيهم التي في أنفسهم، فيكون فيما يعرضون عليهم براذين مقرنة على كل أربعة منها سرير من ياقوتة واحدة، على كل سرير منها قُبة من ذهب مفرَّغة فيه، كل قبة منها فرش من فرش الجنة، متظاهرة، في كل منها جاريتان من الحور العين، على كل جارية منهن ثوبان من ثياب الجنة، وليس في الجنة لون إلا وهو فيهما، ولا ريح ولا طيب إلا قد عبق بهما، ضوء وجوههما غلظ القبة، حتى يظن مَن يراهما أنهما دون القبة، يرى مخهما من فوق سوقهما كالسلك الأبيض في ياقوتة حمراء، يريان له من الفضل على صاحبه كفضل الشمس على الحجارة أو أفضل، ويرى هو لهما مثل ذلك، ويدخل إليهما فيحييانه، ويقبِّلانه، ويتعلقان به، ويقولان له: والله ما ظننا أن الله يخلق مثلك، ثم يأمر الله الملائكة فيسيرون بهم صفًّا في الجنة، حتى ينتهي كل رجل منهم إلى منزلته التي أعدت له.
هذا الكلام رواه ابن جرير عند تفسير هذه الآية، وكذا (الدر المنثور) للإمام السيوطي عند تفسيره لهذه الآية.
أما العلامة ابن الكثير فقد وصف في تفسيره هذا الأثر بعدما أورده باختصار بأنه غريب، وعجيب، وساقه، وقد روى هذا الأثر ابن أبي حاتم بسنده عن وهب أيضًا، وزاد زيادات أخرى رغم أن ابن أبي حاتم قد اشترط ألا يُخرج إلا ما صح، لكن أورد هذا الأثر أيضًا، وكذا ذكره البغوي وغيرهم.


الصفحة التالية
Icon