غير أن في رواية قتادة ومجاهد؛ أن الشيطان لم يسلط على نساء سليمان ومنعهنّ الله منه، فلم يقربهنّ ولم يقربنه.
على كل حال، روايات مختلفة في هذا الأمر، وكلها إسرائيليات.
ويقول شيخنا الشيخ أبو شهبة - رحمه الله -: ونحن لا نشك في أن هذه الخرافات من أكاذيب بني إسرائيل وأباطيلهم، وأن ابن عباس وغيره تلقوها عن مُسلمَة أهل الكتاب؛ أي: الذين أسلموا من أهل الكتاب، وليس أدلّ على هذا مما ذكره السيوطي في (الدر) قال: وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: أربع آيات من كتاب الله لم أدر ما هي، حتى سألت عنهن كعب الأحبار -رضي الله عنه- وذكر منها، وسألته عن قوله - تعالى -: {وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ {، قال: الشيطان أخذ خاتم سليمان -عليه السلام- الذي فيه ملكه، فقذف به في البحر، فوقع في بطن سمكة، فانطلق سليمان يطوف؛ إذ تُصدّق عليه بتلك السمكة فاشتواها فأكلها، فإذا فيها خاتمه، فرجع إليه ملكه.
وكذا ذكرها مطولة جدًّا الإمام البغوي في ت فسيره كعادته، يروي القصص برواياته المطولة، رواه عن محمد بن إسحاق، عن وهب بن المنبه؛ قد يسأل سائل: إذا كانت هذه الرواية سندها قوي، فهل هذا يعني أنها مقبولة؟ الجواب: لا، فقوة السند لا تنافي كونها إسرائيليات، ويجب أن نعلم ونتأكد من أن قوة السند لا تنافي كون القصة مما أخذه ابن عباس وغيره عن كعب الأحبار وأمثاله من مسلمة أهل الكتاب، فثبوتها في نفسها لا ينافي كونها من إسرائيليات بني إسرائيل وكذبهم وخرافاتهم وافتراءاتهم على الأنبياء.
يقول الشيخ أبو شهبة: ولنا سلف من العلماء في رد هذا الغثاء، فقد سبق إلى التنبية إلى ذلك القاضي عياض في كناب (الشفا) فقال: ولا يصح ما نقله


الصفحة التالية
Icon