الموت، قالوا: فإلى المغرب، قال: يصل إليه الموت، قالوا: إلى البحار، قال: يصل إليه الموت، قالوا: نضعه بين السماء والأرض، قال: نعم. ونزل عليه ملك الموت فقال: إني أمرت بقبض نسمة طلبتها في البحار وطلبتها في تخوم الأرض، فلم أصبها، فبين أنا قاعد أصبتها فقبضتها، وجاء جسده حتى وقع على كرسي سليمان، فهو قول الله: ﴿وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَْ﴾ ".
هذا الحديث موضوع مكذوب مختلق على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقد يكون ذلك من عمل بعض الزنادقة، أو من غلط بعض الرواة، وقد نبه على وضعه الإمام الحافظ أبو الفرج بن الجوزي، وقال: يحيى بن كثير يروي عن الثقات ما ليس من حديثهم، ولا ينسب إلى نبي الله سليمان ذلك، ووافقه السيوطي على وضعه، انظر كتاب (اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة) له، ولا يشك في وضع هذا إلا من يشك في عصمة الأنبياء عن مثله، وأحرى بمثل هذا أن يكون مختلقًا على نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- وعلى نبي الله سليمان، وإنما هو من إسرائيليات بني إسرائيل وأكاذيبهم.
نعود إلى ختام القول في هذه الفتنة، وقد سبقت الإشارة إلى شيء منها، وقد أردت تفصيلها؛ درءًا للمفاسد التي قد تفهم حول هذه القصة، فيقول شيخنا الشيخ أبو شهبة -رحمه الله -: والصحيح المتعين في تفسير الفتنة هو ما جاء في (الصحيحين)، واللفظ للإمام البخاري، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((قال سليمان بن داود: لأطوفنَّ الليلة على سبعين امرأة، تحمل كل امرأة فارسًا يُجاهد في سبيل الله، فقال له صاحبه -قرينه من الملائكة-: ق ل: إن شاء الله، فلم يقل، ولم تحمل واحدة منهم شيئًا، إلا واحدة جاءت بولد ساقط إحدى شقيه))، فقال البني -صلى الله عليه وسلم-: ((لو قالها لجاهدوا في سبيل الله أجمعين)).