وكذلك ابن جرير وابن أبي حاتم ذكرا الكثير من هذه الروايات في تفسيريهما؛ منها ما هو موقوف، ومنها ما هو مرفوع إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- كما ذكر ابن جرير والبغوي وغيرهما عند تفسير قوله: ﴿وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾ الآيات التي ذكرت في سورة " الأنبياء "، ذكروا الكثير هناك من الإسرائيليات، رويا قصة أيوب وبلائه، عن وهب بن منبه في صحائف كثيرة، والتبس فيها الحق بالباطل والصدق بالكذب، كما قال شيخنا العلامة الشيخ أبو شهبة.
أما الإمام ابن كثير فقد قال في تفسيره عند هذه الآية: وقد روي عن وهب بن منبه في خبره -يعني: أيوب- قصة طويلة ساقها ابن جرير وابن أبي حاتم بالسند عنه، وذكرها كثير من متأخري المفسرين، وفيها غرابة تركناها لحال الطول.
ومن العجيب أن الحافظ الناقد ابن كثير وقع فيما وقع فيه غيره في قصة أيوب من ذكر الكثير من الإسرائيليات، ولم يعقّب عليه، وهذا ما ينبغي أن نذكر به أبناءنا طُلَّاب العلم، أن ابن كثير مع كونه حافظًا ناقدًا علامة ومحدثًا ومفسرًا؛ إلا أن له بعض الهفوات في بعض القصص التي ذكر فيها إسرائيليات في تفسيره ولم يعقب عليها، مع أن عهدنا به أن لا يذكر شيئًا إلا بينه ونبه على مصدره، ومن أين دخل في الرواية الإسلامية؟... إلى آخره.
ولا نظن أنه يرى في هذا أنه مما تباح روايته، فقد ذكر أنه يقال: إنه أصيب بالج ذ ام في سائر بدنه -كلام ابن كثير- ولم يبقَ منه سليم سوى قل ب هـ ولسانه؛ يذكر بهما الله -جل وعلا- حتى عافه الجليس، وصار أيوب منبوذًا في ناحية من البلد، ولم يبقَ أحد من الناس يحنو عليه غير زوجته، وتحملت في بلائه ما تحملت، حتى صارت تخدم الناس، بل قد باعت شعرها بسبب ذلك، ثم قال: وقد روي أنه مكث في البلاء مدة طويلة، ثم اختلفوا في السبب المهيّج له على هذا الدعاء.