والعلامة ابن كثير قال: رفع هذا الحديث غريب جدًّا، وكذا قال الحافظ ابن حجر، وأصح ما ورد في قصته ما أخرجه ابن أبي حاتم وابن جرير، وصححه ابن حبان والحاكم بسند عن أنس: أن أيوب؛ ثم ذكر مثل ذلك.
يقول شيخنا الشيخ أبو شهبة: والمحققون من العلماء على أن نسبة هذا إلى المعصوم -صلى الله عليه وسلم- إما من عمل بعض الوضاعين الذين يركبون الأسانيد للمتون، أو من غلط بعض الرواة، وأن ذلك من إسرائيليات بني إسرائيل وافتراءاتهم على الأنبياء، والأصحية هنا نسبية، على أن صحة السند لا تنافي أن أصله من الإسرائيليات.
أنبّه أبناءنا وإخواننا الشباب طلاب العلم إلى هذه القضية مرة أخرى؛ أن صحة السند لا تنافي أن يكون المتن، الخبر نفسه، الرواية من الإسرائيليات، وقد لفَّق السند الصحيح على الرواية، وهذا كلام ينبغي ألا نغفل عنه، والإمام ابن حجر -على جلالة قدره- ربما يوافق على تصحيح بعض الروايات التي تخالف الأدلة العقلية النقلية.
هذا كلام شيخنا أبو شهبة؛ يعني: الإمام ابن حجر ليس معصومًا، فربما أورد رواية يوافق على صحة سندها، ولكن لا يعطي رأيه واضحًا في قيمة الرواية نفسها بما يضحض مخالفتها العقلية والنقلية.
ويذكر شيخنا أبو شهبة كما فعل في قصة الغرانيق وهاروت وماروت وكل ما روي موقوفًا أو مرفوعًا، كل هذا لا يخرج عما ذكره وهب بن منبه في قصة أيوب التي ذكرت آنفًا، وهذا يدل أعظم الدلالة على أن معظم ما روي في قصة أيوب إنما هو مما أُخذ عن أهل الكتاب الذين أسلموا، وجاء القصاصون المولعون بالغرائب فزادوا في قصة أيوب وأذاعوها، حتى اتخذ منها الشحاذون والمتسولون وسيلة لقصص يحكونها لاسترقاق قلوب الناس، واستدرار العطف عليهم.


الصفحة التالية
Icon