في عظم أجسامهم، وخروج طولهم عن المألوف المعروف حتى في هذه الأزمنة، فقد رو ى ابن ج ر ير في ت فسيره وابن أبي حاتم وغيرهم عن قتادة فقال: كنا نحدث أن " إرم " قبيلة من عاد كان يقال: لهم ذات العماد كانوا أهل عمود، كما قال القرآن: ﴿الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ﴾ قال: ذكر لنا أنهم كانوا اثني عشر ذراعًا؛ يعني: ستة أمتار طولًا في السماء، وهذا من جنس ما روي في العماليق، وأغلب الظن عندنا أن من ذكر لهم ذلك هم أهل الكتاب الذين أسلموا، وأنه من الإسرائيليات المختلطة.
وأيضًا لم نكد نصدق ما روي أو ما نسبوه إلى المعصوم -صلى الله عليه وسلم- في هذا، فقد رو ى ابن أبي حاتم قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا أبو صالح كاتب الليث، قال: حدثنا معاوية بن صالح، عن من حدثه، عن المقدام بن معدي كرب عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أنه ذكر "إ رم ذات العماد " فقال: كان الرجل منهم يأتي إلى الصخرة فيحملها على كاهله فيلقيها على أي حي أراد فيهلكهم، طبعًا هذه الرواية ذكرها ابن كثير، ولعل البلاء والاختلاق فيه من المجهول، وروى مثله ابن مردويه كما ذكر صاحب (الدر المنثور)، ولعن الله من نسب مثل هذا الباطل إلى نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم، ولا نشك أن هذا من عمل زنادقة اليهود والفرس وأمثالهم الذين عجزوا أن يقاوموا سلطان الإسلام، فسلكوا في محاربته مسلك الدس والاختلاق بنسبة أمثال هذه الخرافات إلى المعصوم -صلى الله عليه وسلم.
يقول شيخنا الشيخ أبو شهبة معلقًا: وأنا أعجب لمسلم يقبل أمثال هذه المرويات التي تزري بالإسلام وتنفّر منه، ولا سيما في هذا العصر الذي تقدمت فيه العلوم والمعارف، وأصبح ذكر مثل هذا يثير السخرية والاستنكار والاستهزاء.


الصفحة التالية
Icon