كل هذا كلام كما نرى من أمارات الاختلاق والوضع الذي لا يقبل، وهذه المرويات وأمثالها مما لا نشك أنها من الإسرائيليات، من إسرائيليات بني إسرائيل وكذبهم على الله وعلى الأنبياء وعلى الملائكة، فلا تلقِ إليه بال ً اأخا الإسلام، وليس تفسير الآية في حاجة إلى هذه المرويات، والآية ظاهرة واضحة وليس فيها ما يدل على امتناع رؤية الله في الآخرة، كما دل على ذلك القرآن الكريم، فنحن نعلم أن تعليق الرؤية على شيء ممكن يدل على إمكانية الرؤية، فعندنا دلَّ القرآن الكريم والسنة الصحيحة المتوترة، وغاية ما تدل عليه امتناع الرؤية البصرية في الدنيا؛ لأن العين الفانية لا تقدر أن ترى الذات الباقية.
ومن ذلك أيضًا ما ذكره الثعلبي والبغوي والزمخشري في ت فسيرهم) عند قوله - تعالى -: ﴿وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا﴾؛ أي: م غ شيًّا عليه وليس المراد ميتًا كما قال قتادة، فقد قال البغوي: وفي بعض الكتب أن ملائكة السماء أتوا موسى وهو مغشي عليه، فجعلوا يركلونه بأرجلهم ويقولون: يا بن النساء الحيَّض أطمعت في رؤية رب العزة، كلام، وانظر إليه، وذكر مثل هذا الزمخشري في ت فسيره وقد نقلها؛ لأنها تساعده على إثبات مذهبه الفاسد، يعني: الإمام الزمخشري أكثر من الروايات التي تعوق وتمنع الرؤية؛ لأن الإمام الزمخشري معتزلي، ومن مذهبه واعتقاده استحالة رؤية الله في الدنيا والآخرة.
وهذا وأمثاله مما لا نشكّ أنه من الإسرائيليات، هكذا قال علماؤنا؛ وعلى رأسهم شيخنا الشيخ أبو شهبه، هذا من الإسرائيليات المكذوبة، وموقف بني إسرائيل من موسى ومن جميع أنبياء الله معروف، فهم يحاولون تنقيص الأنبياء ما استطاعوا إلى ذلك سبيلًا، وقد تنبه إلى هذا الإمام أحمد بن المنير صاحب كتاب (الانتصاف من صاحب الكشاف) هو دائمًا يُطبع تعليقه على هامش (تفسير الكش اف)؛ ليبيّن ما فيه من عقائد المعتزلة.


الصفحة التالية
Icon