فائدة، ولا يوصل إلى غاية، وطبعًا قيل: إن الألواح أعطيها موسى قبل التوراة، والصحيح أن الله أنزل الألواح على موسى وفيها التوراة.
بعد ذلك نقول: مما ذكروه حول هذا المعنى في قوله - تعالى -: ﴿مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ﴾ أي: وكتبنا له في الألواح من كل شيء موعظة وتفصيلًا لكل شيء، فقد جعلوا التوراة مشتملة على كل ما كان، وكل ما يكون، وهذا لا يعقل ولا يصدق.
فمن ذلك ما ذكره الإمام الألوسي في ت فسيره، قال: وما أخرجه الطبراني والبيهقي في (الدلائل) عن محمد بن يزيد الثقفي قال: اصطحب قيس بن خرشة وكعب الأحبار حتى إذا بلغ صفين، وقف كعب، ثم نظر ساعة، ثم قال: ليغرقن بهذه البقعة من دماء المسلمين شيء لا يراق ببقعة من الأرض مثله، فقال قيس: ما يدريك فإن هذا من الغيب الذي استأثر الله - تعالى - به، فقال كعب: ما من الأرض شبر إلا مكتوب في التوراة التي أنزلها الله - تعالى - على موسى ما يكون منه، وما يخرج منه إلى يوم القيامة.
وهذا من المبالغات التي روى أمثالها كثيرون عن كعب، ولا نصدق ذلك، ولعلها من الكذب الذي لاحظه عليه الصحابي الداهية معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه- على ما أسلفنا سابقًا، ولا يعقل قط أن يكون في التوراة كل أحداث الدنيا إلى قيام الساعة، أو إلى يوم القيامة.
فالمحققون من المفسرين سلفًا وخلفًا على أن المراد أن في التوراة أو في الألواح تفصيلًا لكل شيء مما يحتاجون إليه من الحلال والحرام، والمحاسن والقبائح مما يلائم شريعة موسى وعصره، وإلا فقد جاء القرآن الكريم بأحكام وآداب وأخلاق لا توجد في التوراة قط، وقد ساق الإمام الألوسي هذا الخبر للاستدلال