كلمة: ﴿مِنَ الفَجْرِ﴾ قد نزلت، هناك حديث في البخاري في صحيحه، عن سهيل بن حزم: لما نزلت هذه الآية، ولم ينزل قوله: ﴿مِنَ الفَجْرِ﴾ وكان رجال إذا أرادوا الصوم ربط أحدهم في رجليه الخيط الأبيضَ والخيط الأسود، ولا يزال يأكل حتى يتبين له رؤيتها؛ فأنزل الله -جل وعلا- بعد ذلك: ﴿مِنَ الْفَجْرِ﴾. فعلموا أنما المراد من الخيط الأبيض والخيط الأسود هو بياض النهار، وسواد الليل.
وهكذا بدأ التباس في الفهم، فدخل شيء من هذا الفهم في عصر نزول القرآن الكريم، هم لا يريدون هذا اللبس، ولا يقصد منهم، ولكنه وقع.
كذلك لما نزل قول الله -جل وعلا-: ﴿لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا﴾ (المائدة: ٩٣) كان هناك موقف لبعض الصحابة، سنعرفه.
كذلك: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ﴾ (الأنعام: ٨٢) بعض الصحابة بكى، وفهم أن الظلم هو أي ظلم ولو كان قليلًا، والآية تحذر، فإذا لبس الإنسان إيمانه -أي: خلط إيمانه- بشيء من الظلم لم يكن في مأمن، وقع هذا اللبس، فبينه لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم.
أما الآية: ﴿لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ الآية. فقد أخرج عبد الرزاق في مصنفه، ونقله عنه الحافظ بن حجر في (الإصابة في تمييز الصحابة) أن أحد الصحابة تأول هذه الآية، وهو قُدامة بن مظعون، أخو عثمان بن مظعون فشرب الخمر، وزعم أنه لا حرجَ في شربها إذا كان الإنسان مؤمنًا تقيًّا، فلما علم عمر بذلك رد عليه، وبين له الفهم الصحيح للآية وقال له: "يا قدامة أخطأت التأويل، أنت إذا اتقيت الله


الصفحة التالية
Icon