كثيرة، أغلب الظن أنها من الإسرائيليات، ورويت عن وهب ابن منبه وكعب الأحبار وسَلمان وابن عباس ومقاتل والكلبي وعطاء وغيرهم، بل رووا في ذلك حديثًا عن عمار بن ياسر، عن النبي -صلي الله عليه وسلم- أنه قال: "إنها نزلت خبزًا ولحمً، وأمروا ألا يخونوا ولا يدخروا لغد" وفي رواية بزيادة "ولا يخبئوا" فخانوا وادخروا ورفعوا لغد؛ فمسخوا قردة وخنازير.
ورفع مثل هذا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- غلط ووهم من أحد الرواة على ما أرجح؛ فقد روى هذا ابن جرير في تفسيره مرفوعًا وموقوفًا، والموقوف أصح، وقد نص على أن المرفوع لا أصل له الإمام أبو عيسى الترمذي، فقال بعد أن روى الروايات المرفوعة: هذا حديث قد رواه أبو عاصم وغير واحد، عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة، عن خلاس، عن عمار بن ياسر موقوفًا، ولا نعرفه مرفوعًا إلا من حديث الحسن بن قزعة، وبعد أن ذكر رواية موقوفة عن أبي هريرة، قال: "وهذا أصح من حديث الحسن بن قزعة، ولا نعرف للحديث المرفوع أصلًا". انظر (سنن الترمذي) في كتاب التفسير باب سورة "المائدة".
وقد اختلفت المرويات في هذ؛ فروى العوفي عن ابن عباس أنها -أي: المائدة- خوان عليه خبز وسمك، يأكلون منه أينما نزلوا، إذا شاءو، وقال عكرمة، عن ابن عباس: كانت المائدة سمكة وأريغفة، وقال سعيد بن جبير، عن ابن عباس: أُنزلت على المائدة كل شيء إلا الخبز واللحم، وقال كعب الأحبار: نزلت المائدة تطير بها الملائكة بين السماء والأرض عليها كل الطعام إلا اللحم، وقال وهب ابن منبه: أنزلها الله من السماء على بني إسرائيل؛ فكان ينزل عليهم في كل يوم في تلك المائدة من ثمار الجنة فأكلوا ما شاءوا من دروب شتى؛ فكان يقعد عليها أربعة آلاف، وإذا أكلوا أنزل الله مكان ذلك لمثلهم، فلبثوا على ذلك ما شاء الله -عز وجل-


الصفحة التالية
Icon