قال البغوي: فأهدت إليه وصفاء ووصائف - أي: خدم من الرجال ومن النساء - قال ابن عباس: ألبستهم لباسًا واحدًا كي لا يعرف الذكر من الأنثى، وقال مجاهد: ألبس الغلمان لباس الجواري، وألبست الجواري لبسة الغلمان، واختلفوا في عددهم؛ فقال ابن عباس: مائة وصيف -أي: خادم- ومائة وصيفة، وقال مجاهد ومقاتل: مائتا غلام ومائتا جارية، وقال قتادة وسعيد بن جبير وغيرهما: أرسلت إليه بلبنة من ذهب في حرير وديباج - اللبنة: قطعة من الحجارة، أي: بوزنها وثقلها ذهب.
وقال وهب وغيره: عمدت بلقيس إلى خمسمائة غلام وخمسمائة جارية؛ فألبست الغلمان لباس الجواري وجعلت في سواعدهم أساور من ذهب، وفي أعناقهم أطواقًا من ذهب، وفي آذانهم أقراطًا وشنوفًا مرصعات بأنواع الجواهر، وألبست الجواري لباس الغلمان؛ الأقبية، والمناطق، وحملت الجواري على خمسمائة رمكة -أي: الفرسان والبغال- وحملت الغلمان على خمسمائة برذون -وهي البغال أيضًا- على كل فرس لجام مرصع بالجواهر وغواشيها من الديباج الملون، وبعثت إليه خمسمائة لبنة من ذهب، وخمسمائة لبنة من فضة، وتاجًا مكللًا بالدر والياقوت، وأرسلت إليه المسك والعنبر والعود، وعمدت إلى ح ط ة فجعلت فيها درة ثمينة غير مثقوبة وخرزة مثقوبة معوجة الثقب، وأرسلت مع الهدية رجالًا من عقلاء قومها وكتبت معهم كتابًا إلى سليمان بالهدية، وقالت: إن كنت نبيًّا فميز لي بين الوصائف والوصفاء -أي: بين الإناث والذكور- وأخبرني بما في الح ط ة قبل أن تفتحها، واثقب الدر ثقبًا مستويًا، وأدخل خيطًا في الخرزة المثقوبة من غير علاج إنس ولا جن.
ورووا أيضًا أن سليمان -عليه السلام- أمر الجن أن يضربوا لبنات الذهب ولبنات الفضة، ثم أمرهم أن يفرشوا الطريق من موضعه الذي هو فيه إلى تسعة فراسخ ميدانًا


الصفحة التالية
Icon