وكذا رواه الحافظ أبو بكر بن مردويه في تفسيره من حديث شاذ بن فياض عن عمر بن إبراهيم مرفوعًا، قلت -أي: قال ابن كثير- وشاذٌّ هذا هو بلال، وكلمة شاذ لقبه، والغرض أن هذا الحديث معلولٌ من ثلاثة أوجه:
أحدها: أنّ عمر بن إبراهيم هذا هو البصري، وقد وثقه ابن معين، وقال أبو حاتم الرازي: لا يُحتجُّ به، ولكن رواه ابن مردويه من حديث المعتمر، عن أبيه، عن الحسن، عن سمرة مرفوعًا، فالله أعلم.
الثاني - أي: من وجوه الإعلال -: أنه قد روي من قول سمرة نفسه؛ ليس مرفوعًا كما قال ابن جرير، حدثنا ابن عبد الأعلى قال: حدثنا المعتمر عن أبيه، قال: حدثنا بكر بن عبد الله، عن سليمان التيمي، عن أبي العلاء بن الشخير، عن سمرة بن جندب، قال: "سَمّى آدم ابنه عبد الحارث".
والثالث من وجوه العلل: أنّ الحسن نفسه فسر الآية بغير هذا؛ فلو كان هذا عنده عن سَمُرة مرفوعًا لما عدل عنه، قال ابن جرير: حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا سهل بن يوسف، عن عمرو، عن الحسن في قوله تعالى: ﴿جَعَلاَ لَهُ شُرَكَاء فِيمَا آتَاهُمَا﴾ قال: كان هذا في بعض أهل الملل ولم يكن ب آدم.
وحدثنا -الكلام لابن جرير- محمد بن عبد الأعلى، قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، قال: قال الحسن: عنى بها ذرية آدم، ومن أشرك منهم بعده؛ يعني قوله: ﴿جَعَلاَ لَهُ شُرَكَاء فِيمَا آتَاهُمَا﴾ يستطرد ابن جرير فيقول: وحدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قال: كان الحسن يقول: هم اليهود والنصارى رزقهم الله أولادًا؛ فهودوا ونصروا، فيه إشارة إلى حديث رسولنا -صلى الله عليه وسلم-: ((ما من مولد إلا يولد على الفطرة؛ فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه)) الحديث متفق عليه. وقال ابن كثير: وهذه


الصفحة التالية
Icon