فقوله تعالى: ﴿وَمِن ذُرِّيَّتِهِ﴾، الضمير فيها إما أن يكون لإبراهيم؛ لأن الكلام فيه، وإما أن يكون لنوح؛ لأنه أقرب، ولأن يونس ولوطًا ليسا من ذرية إبراهيم، وعلى التقديرين تقدير أن يكون الضمير ﴿وَمِن ذُرِّيَّتِهِ﴾ إما لإبراهيم أو لنوح لا يتسنى نظم إلياس، المراد به إدريس، الذي هو قبل نوح؛ يعني هذا يدل على أنّ إلياس من بعد نوح، ومن بعد إبراهيم، ومن ذريتهما بزمانٍ وزمان، أو من ذرية أحدهما، أما إدريس المذكور أولًا، فكان قبل نوح.
فيقول العلامة ال ألوسي: فنظم إلياس المراد به إدريس الذي هو قبل نوح هذا طبعًا يتناقض، فالله - تبارك وتعالى - قال عنه: ﴿إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلاَ تَتَّقُون﴾ الكلام استكمالًا لما ورد: ﴿إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلاَ تَتَّقُون﴾ (الصافات: ١٢٤)، الكلام عن إلياس: ﴿أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِين﴾ (الصافات: ٢٥) استنكار من نبي الله إلياس لقومه، أتدعون بعلًا -أي: أتعبدون بعلًا، وهو اسم صنمٍ لهم قيل: كان من ذهب طوله عشرون ذراعًَا وله أربعة أوجه، فتنوا به وعظموه حتى أخدموه أربعمائة ساد ن وجعلوهم أنبياءه، فكان الشيطان يدخل في جوفه، ويتكلم بشريعة الضلال، والسدنة يحفظونها ويعلمونها الناس، هذا كلام موجود.
وقيل: بعلًا، هو اسم امرأة، أتتهم بضلالة فاتبعوها، قال ال ألوسي: واستأنس له بقراءة بعضهم: "أتدعون بعلاء" بالمد فالكلمة فيها ألف التأنيث الممدودة على وزن حمراء.
وذكر ابن كثير: أن إلياس هو ابن نسيّ بن فنحاص ينتهي نسبه إلى هارون، ولعل هذا نقل عما ذكره الطبري، ثم قال: بعثه الله في بني إسرائيل وكانوا قد عبدوا صنمًا، وكفروا بالله ورسله، ثم قد نشأ على يديه اليسع، فأمر إلياس أن يذهب