عن ابن عمر: أن اليهود جاءوا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- برجل منهم وامرأةٍ قد زنيَا فقال لهم: ((كيف تفعلون بمن زنا منكم؟)) قالوا: نحممها؛ أي: نسود وجهها، أو نحممهما ونضربهما، فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((لا تجدون في التوراة الرجم؟)) فقالوا: لا نجد فيها شيئًا. فقال لهم عبد الله بن سلام - عالمهم وحبرهم وإمامهم-: كذبتم: ﴿فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ (آل عمران: ٩٣) فوضع مدراسها الذي يدرسها منهم كفه على آية الرجم، فطفق يقرأ ما دون يده وما وراءها، ولا يقرأ آية الرجم، فنزع يده عن آية الرجم، فقال: ما هذه؟ فلما رأوا ذلك قالوا: هي آية الرجم، فأمر بهما فرجما قريبًا من حيث موضع الجنائز.
قال: فرأيت أنهم يميلون وينحنون عليها، وهي تضرب بالحجارة، مثال ذلك، وهو ما يتعلق بالمواعظ أو الحوادث التي لا تمت إلى العقائد والأحكام بصلة ما أورده ابن كثير عند قوله: ﴿وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ﴾ (هود: ٣٧) ذكر محمد بن إسحاق عن التوراة أن الله أمر نوحًا أن يصنع السفينة من خشب الساج، وأن يجعل طولها ثمانين ذراعًا وعرضها خمسين ذراعًا وأن يطلي باطنها وظاهرها بالقار، وأن يجعل لها جؤجؤًا أزور يشق الماء... كل هذا من كلام الإسرائيليات باعتباراتها المختلفة التي ذكرنا أنها تتعلق إما بالعقائد أو بالأحكام أو بالمواعظ.
أما أقسام الإسرائيليات من حيث القبول والرد، فهي تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
أولًا: القسم الأول: ما جاء موافقًا لما في كتاب الله -سبحانه وتعالى- لما في قرآن ربنا، فهذا نؤمن به ونصدقه، مثال ذلك: ما رواه البخاري عن عطاء بن يسار قال: لقيت عبد الله بن عمرو فقلت: أخبرني عن صفة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في التوراة. قال: "والله إنه لموصوف في التوراة كصفته في القرآن: يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدًا ومبشرًا ونذيرًا، وحرزًا للأميين، أنت عبدي ورسولي، سميتك المتوكل، ليس بفظ،