مروان السُّدي، وما ذكر ابن كثير وابن جرير والرازي في تفاسيرهم؛ إنما نقوله عن هؤلاء؛ وهؤلاء مُتّهمونَ بالكذب من قبل عُلماء الجرح والتعديل.
ولنتأمل؛ الأول: أنهم هؤلاء كذابون كما قال ابن نمير، وكانوا يصنعون الأحاديث، وقال البخاري: إنهم هؤلاء رواياتهم مسكوتٌ عنها، وإنهم كانوا يصنعون الأحاديث كما سبق في التوضيح.
رابعًا: من مجالات الدخيل في هذه القصة عن سيدنا إبراهيم؛ نقول الخبر الذي أورده أبو السعود وغيره، وهو أنّ إبراهيم -عليه السلام- حين ألقي في النار عَرَض له جبريل -عليه السلام- فقال: ألك حاجة؟ قال: أما إليك فلا، قال جبريل -عليه السلام-: فاسأل ربك، قال: حسبي من سؤالي علمه بحالي. هذا الكلام رواه ابن جرير عن معتمر بن سليمان عن أصحابه، وفي سنده جهالة، والحافظ ابن كثير أيضًا قال: إن هذا كلام غير مقبول، وذكره الشيخ العجلوني في (كشف الخفا ومزيل الإلباس) من رواية البغوي عن كعب الأحبار، وذكره كثيرٌ من المفسرين عن أبي بن كعب موقوفًا عليه.
ومن ثم يبدو لنا أنه من الإسرائيليات، ولا أصل له في المرفوع، وقد أورد ابن عراق في (تنزيه الشريعة) ثم عقب عليه بقوله: قال ابن تيمية: إنه حديث موضوع. مع أن الكلام جميل أن جبريل يأتيه؛ فيقول: ألك حاجة؟ أما إليك فلا، قال: سل ربك، قال: حسبي من سؤالي علمه بحالي، كلام جميل طيب لكن لم يثبت هذا، القول الصحيح هو أنّ الخبر لا يصح؛ لأنه يشير إلى ترك الدعاء مع أن الدعاء مخُّ العِبادَة كما صح الحديث، وقد جاءت النصوص القرآنية والأحاديث النبوية بالأمر بالدعاء، والحث عليه، ليس ببعيد عنا، قول ربنا: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِين﴾ (غافر: ٦٠).