ولنبدأ قصة لوط كما ذكرت في القرآن؛ ذ ُ ك ِ ر َ ت قصة لوط في القرآن بتمامها في عدة سور يكمل بعضها بعضًا، وتتلخص في أن قوم لوط كانوا من الشر بمكان، وأنهم كانوا يقطعون الطريق على السابلة؛ أي: على الناس الذين يمرون، وقد ذهب الحياء من وجوههم؛ فلا يستقبحون قبيحًا، ولا يرغبون في حسن كما قال الله تعالى حكاية عنهم: ﴿وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمْ الْمُنكَر﴾.
وكانوا قد ابتدعوا من المنكرات ما لم يسبقهم إليه أحد من خلق الله؛ وذلك أنهم كانوا يأتون الذكران من العالمين شهوة من دون النساء، ويستعلنون بذلك ولا يستترون -معاذ الله- ولا يرون في ذلك سوءًا أو قبيحًا، وأنّ لوطًا قد وعظهم ونصحهم ونهاهم وخوفهم بأس الله تعالى؛ فلم يأبهوا له ولم يرتدعوا، فلما ألح عليهم بالعظات والأنذار هددوه تارة بالرجم، وتارة بالإخراج من بينهم، إلى أن جاء إلى لوط الملائكة؛ وقد جاءوا إليه بهيئة غلمانٍ مُرد حسان الوجوه؛ فجاء أهل القرية إلى لوط طالبين ضيوفه؛ ليفعلوا فيهم الفاحشة، وقد جهد لوط في ردّهم وبالغ في ذلك؛ حتى طلب إليهم أن يأخذوا بناته فلم يصغوا إليه حينئذٍ؛ يعني: طلب منهم أن يتزوجوا بناته فلم يصغوا إليه، حينئذٍ التفت لوط إلى الملائكة وقال: لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد؛ لجاهدتهم بكم وأوقعت بهم ما يستحقون، وكان لا يعلم أنهم ملائكة إلى ذلك الحين، وحينئذٍ أعلمه الملائكة بحقيقة أمرهم، وأنهم جاءوا للتنكيل بأولئك القوم، ولما حاول أهل القرية أخذ أولئك الغلمان المردان بالقوة، وهجموا على بيت لوط؛ طمس الله أعينهم فلم يبصروا، ولم يهتدوا إلى مكان يقتحمون منه عليه وعلى من معه.
ثم أخرج الملائكة لوطًا وابنتيه وزوجه من القرية، وأمروهم أن لا يلتفت منهم أحد، وأن يحضروا حيث يؤمرون؛ فصدعوا بالأمر إلا امرأته؛ فالتفت إلى القرية لترى ما يحل بها، وكان هواها في أهل القرية دون لوط؛ فحل بها من السخط