نعود فنبين كرم أصل سيدنا لوط ور عايته للجار، ومجادلة إبراهيم عن قوم لوط:
دلت الآيات في قصة لوط -عليه السلام- على أنه كريم، وأنه يرعى حق الجار؛ لمّا أراد قومه سوءًا بضيوفه قام يدفع عنهم، ويدافع أهل بلده دونهم؛ فقال أبو سعود في هذه الآيات: إنه إذا أخذ ضيف الرجل أو جاره؛ فقد خزي الرجل، ولذلك من عراقة الكرم وأصالة المروءة وظلم الجار إذلال المجير.
تدل أيضًا القصة على أن لوطًا كان عظيم الإيمان، مطمئن القلب؛ حتى إنه لم يحتج من عمه إلى ال معالجة، وأنه في سبيل الإيمان بالله رضي بأن يهاجر من وطنه، وينتقل عنهم.
نعود إلى المجادلة لإبراهيم عن قوم لوط:
كان إبراهيم -عليه السلام- رجلًا رقيق القلب؛ فلما علم أن قوم لوط هالكون، وأنّ العذاب نازلٌ بهم، وأن الملائكة قادمون لإنفاذ الأمر فيهم، أخذته شفقة عليهم؛ فأخذ يجادل في شأن قوم لوط، ويطلب الرحمة ويرجو أن ينظر الله إليهم نظر رحمة، قال تعالى: ﴿فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوط * إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيب﴾ (هود: ٧٤، ٧٥) هذه المجادلة عنهم لم تفصل في القرآن الكريم، وقال تعالى: ﴿وَلَمَّا جَاءتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيب﴾ (هود: ٧٧) وقال تعالى: ﴿فَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُود * مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيد﴾ (هود: ٨٢، ٨٣).
عند تفسير الآية الأولى؛ ذكر أبو السعود وغيره عن مجادلة إبراهيم للملائكة؛ فقال: ومجادلته إياهم هو أنه قال لهم حين قالوا له: إنا مهلكو أهل هذه القرية،