الموضوع آثاره السيئة كثيرة وشديدة الخطر، وعرفه صاحب (الباعث الحثيث)، بقوله: الخبر الموضوع هو المختلق المصنوع، وهو الذي نسبه الكذابون المفترون إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو شر أنواع الرواية.
ونعود إلى هذا الحديث الموضوع سواء اختلقه الوضاعون من عند أنفسهم ونسبوه كذبًا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو أخذوه من كلام غيرهم من الإسرائيليات، أو حتى من كلام الصحابة، ونسبوه كذبًا إلى رسول الله، أو من كلام التابعين أو الصوفية أو الأطباء أو الحكماء، ثم ينسبونه كذبًا للرسول -صلى الله عليه وسلم- ليلقى رواجًا وقبولًا.
فمن كلام الإسرائيليات الحديث الذي يروى كثيرًا ونصه: "ما وسعني أرضي ولا سمائي، ولكن وسعني قلب عبدي المؤمن". قال الإمام ابن تيمية: ليس له أصل معروف عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ومثل الحديث المروي من الإسرائيليات أيضًا ومنسوب إلى ابن عباس؛ يعني: ممكن الحديث ينسب إلى رسول الله، وهو من اختلاق قائِلِهِ، أو ينقله عن آخرين، وينسبه إلى الرسول، ويمكن أن ينسبه إلى أحد أصحابه أيضًا، وهو نوع من الكذب؛ فقد روي أيضًا عن ابن عباس: "أن عمر الدنيا سبعة آلاف سنة" وهو أيضًا كلام غير صحيح.
ومن كلام الصوفية ما نسبوه أيضًا إلى الحديث حتى جعلوه حديثًا قدسيًّا نصه: "كنت كنزًا مخفيًّا، فأحببت أن أعرف فخلقت الخلق، فعَرَّفْتُهُم بي فعرفوني" هذه الأحاديث، وأنواع أخر سوف نذكرها، ونذكر منها نماذج عديدة؛ لنتعرف على ما ذكر تحت هذا العنوان في الأحاديث الموضوعة مما أفسد، وكان له آثار سيئة في كتب تراثنا، وبخاصة كتب التفسير.
حكم الكذب على رسول الله باختصار:
جمهور العلماء على أن الكذب على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من أكبر الكبائر، ومن أقبح الذنوب، بل عده أحد العلماء كفرًا،


الصفحة التالية
Icon