حكم رواية الحديث الموضوع
إذا كانت هذه الأحاديث الموضوعة بهذه الكثرة، على اختلاف أسبابها، وعلى اختلاف علامات الوضع، فهل يجوز روايةُ الحديث الموضوع؟
الحقيقة: لا تجوز رواية الحديث الموضوع، إلا إذا جاء مقترنًا ببيان وضعه، والنص على كذبه، حتى لا يعتقد الناس في صحته، ويعملون بمقتضاه، ويأخذ ابن الجوزي -رحمه الله- على بعض العلماء، روايةَ الموضوع من غير تبيينٍ لدرجتِه، أو كشف وضعه، ويعتبرُهُ من تلبيس إبليس عليهم، يقول ابن الجوزي: ومن تلبيس إبليس على علماء المحدثين رواية الحديث الموضوع من غير أن يبينوا أنه موضوع، وهذه جناية منهم على الشرع، ومقصودهم ترويج أحاديثهم وكثرة رواياتهم.
وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: ((من روى عني حديثًا، يُرَى أنه كذب -أو يرى- أنه كذب، فهو أحد الكاذِبَين، أو الكاذِبِين)) يقرئ الحديث بالتشكيلتين.
((ي ُ رى)) أي: يظن أنه كذب، حتى مجرد أن تظن أن هذا كذب على رسول الله، فمن ينقله يعتبر مشاركًا في الكذب على رسول الله، ((أو يَرَى)) ويعلم أنه كذب تكون المصيبة والإثم أعظم، ((فهو أحد الكاذ ِ ب َ ين)) كأن الذي يكذب، الذي ينقل الحديث عن الكذابين وقائله الذي كذب أولًا، أو ((هو أحد الكاذ ِ ب ِ ين)) كأن الكاذبين هم جملة، وهو واحد منهم.
هكذا قال العلماء سلفًا وخلفًا، لا يحل رواية الحديثِ الموضوع في أيِّ بابٍ من الأبواب، سواء كان في الحلال والحرام، أو في الترغيب أو في الترهيب، أو في


الصفحة التالية
Icon