شيخ من حدَّثَكَ بهذا؟ قال: لم يحدثن ي أحد. ولكنا رأينا الناس قد رغبوا عن القرآن - أي: انصرفوا عنه - فوضَعْنَا لَهُم هذا الحديث؛ ليصرفوا قلوبهم إلى القرآن.
وقد روي هذا الحديث من طريق علي بن زيدِ بن جدعَان، وعطاء بن أبي ميمونة كلاهما عن زِرِّ بن حبيش عن أُبَي بن كعب، ومن طريق هارون بن كثير عن زيد بن أسلم عن أبيه، عن أبي أمامة عن أُبَي بن كعب، ومن طريقٍ آخر، والحديث بجميع طرقه باطل موضوع.
وروي عن ابن المبارك أنه قال: أظنه من وَضْعِ الزنَادِقَة، ومن ذلك أيضًا: حديث عكرمة عن ابن عباس في فضائل القرآن حديث مشابه؛ إلَّا أنه مسندٌ إلى ابن عباس، يشبهُ الحديثَ الذي ينسب إلى أُبَي بن كعب، وهو فِي فضائلِ القرآن سورةً سورة أيضًا، فقد سئل عنه واضعه نوح بن أبي مريم، الذي سبق القول بأنه جامع؛ إذ إ نه جمع لجمعه علومًا كثيرة، سبحان الله تلقى العلوم عن علماء لكنه كان كذبًا؛ أخذ الفقه عن أبي حنيفة وابن أبي ليلى، وأخذ التفسير عن الكلبي، وعلم السير والمغازي عن محمد بن إسحاق، وأخذ الحديث عن حجاج بن أطأة، قيل: إنه كان جامع ً الكل شيء إلا الصدق؛ كما سبق أن أشرت.
فنوح بن أبي مريم قال: رأيت الناس قد اعرضوا عن القرآن، واشتغلوا بفقه أبي حنيفة ومغازي محمد بن إسحاق، فوضعت هذه الأحاديث حسبةً، يقول الدكتور محمد أبو شهبة: وقد خطأ المحدثون من ذكر هذه الأحاديث من المفسرين في كتبهم؛ كالإمام الثعلبي والإمام الواحدي والزمخشري، والنسفي والبيضاوي وأبي السعود، والحقيقة أن أصحاب هذه الكتب، وهم من القدامى نقلت منهم هذه الأحاديث؛ سواء ذكرها المفسرون في أواخر السور؛ لأنها كالوصف لها،


الصفحة التالية
Icon