وتفسير الحافظ ابن كثير من أجَلِّ ما يعتمد عليه في أحاديث الفضائل ما صح منها وما لم يصح، والسور التي صحت في فضلها الأحاديث الفاتحة، والزهراوان، والسبع الطوال، والكهف، ويس -كما قلنا- والإخلاص والمعوذتان، وطبعًا الإمام ابن كثير عمدة في ذكر الأحاديث ويصحح منها الصحيح ويضعف منها الضعيف.
ما جاء في فضل يونس -عليه السلام-، وما ورد في إهلاك قوم لوط
فإلى نماذج أخرى نستكمل منها هذا النوع من الأحاديث في فضائل السور؛ يروي لنا زملاؤنا في كتبهم ما ورد أيضًا من الأحاديث؛ ما جاء في فضل سيدنا يونس -عليه السلام- فقد أخرج أبو السعود رواية عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا تفضلوني على يونس بن متى، فإنه كان له كل يوم مثل عمل أهل الأرض" وهذا الحديث طبعًا غير الحديث الصحيح الوارد في (الصحيحين) ((ما ينبغي لعبد أن يقول: أنا خير من يونس بن متى)) فطبعًا الزيادة هذه في الحديث الأول غير صحيحة، أدخلت على الحديث الجملة "كان يرفع له كل يوم مثل عمل أهل الأرض" أبدًا كلام غير صحيح. فالشيخان وأصحاب السنن لم يوردوا لنا هذه الجملة.
ورد في إهلاك قوم لوط عند قوله تعالى في الحجارة التي ألقيت عليهم: ﴿مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ﴾ (هود: ٨٣) قال: إنهم -يعني قوم لوط- بسبب ظلمهم مستحقون لها، وهم لابسون بها؛ أي: بالحجارة التي عذبوا بها، وفيه وعيد شديد لأهل الظلم كافة، وعن رسول الله أنه سأل جبريل -عليه السلام- فقال: "يعني ظالمي أمتك، وما من ظالم منهم إلا وهو يعرض علي هـ حجر، يسقط عليه من ساعة إلى ساعة".
وهذا الخبر الذي أورده أبو السعود في تفسير الآية مردود من وجهين؛ أولهما: أن الحكم باقٍ على عمومه، أما قوله في الحديث يعني: "ظالمي أمتك" فتخصيص


الصفحة التالية
Icon