بسم الله الرحمن الرحيم

الدرس التاسع عشر
(نماذج من الأحاديث الموضوعة في التفسير (٢))
تابع ما قيل عن عقوق الوالدين
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
كنا قد تكلمنا عن الأحاديث الموضوعة، وخاصة ما يتعلق ببر الوالدين، وهناك كثرة من الأحاديث التي أوردها المفسرون في بر الوالدين، ومن ذلك ما أخرجه أبو السعود في ت فسيره لقول الله -جل وعلا-: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ (النساء: ١١٦)، فقد أخرج في هذه الآية، قال: قال رجل لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن أبويا بلغا من الكبر، وإني أَلِي منهما ما ولِيَ مني في الصغر، فهل قضيتهما حقهما؟ قال: لا؛ فإنهما كانا يفعلان ذلك وهما يحبان بقاءك، وأنت تفعل ذلك، وأنت تريد -أو تنتظر- موتهما". هذا الحديث قال عنه الحافظ ابن حجر حين تعرض له في تخريجه لأحاديث (الكشاف): لم أجده.
من الأحاديث الضعيفة أيضًا في عقوق الوالدين: ما أخرجه كثير من المفسرين رووا: أن شيخًا أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: إن ابني هذا له مالٌ كثيرٌ، وإ نه لا ينفق عليَّ من مالِهِ، فنزل جبريل -عليه السلام- قال: إن هذا الشيخ قد أنشأَ في ابنه أبياتًا، ما قُرِعَ سمعٌ بمثلها، فاستشهدها فأنشدها الشيخ فقال:
غَذَوْتُك مَوْلُودًا ومُنْتُك يَافعًا تُعلُّ بما أُحْنُو عَلَيكَ وتَنْهَلُ
إذَا لَيْلةٌ ضَافَتْك بالسُّقْمِ لَم أَبِتْ لسُقْمِكَ إلَّا باكِيًا أَتَملْمَلُ
كَأَنِّي أنا الْمَطْرُوقُ دُونَكَ بالذي طُرِقتَ به دُوني وعَيْنِيَ ت هـ ملُ
فَلَمَّا بَلَغْتَ السِّنَّ والغَايَةَ الَّتي إليْها مَدَى مَا كُنْتُ فِيك أُؤَمِّلُ
جَعَلْتَ جزَائي غلْظَةً وفَظَاظَةً كأَنّك أنتَ المُنْعمُ الْمُتَفَضِّلُ
فَلَيْتَكَ إذ لَمْ تَرْعَ حَقَّ أُبوَّتي فَعَلْتَ كَمَا الجَارُ المجاورُ يَفْعَلُ
وأنشد هذه الأبيات، فغضب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: "أنت ومالك لأبيك" ذكر هذه الرواية أبو السعود وغيره، هذا الحديث فيه ضعف وانقطاع، يقول صاحب


الصفحة التالية
Icon