ولننقل إلى سبب آخر مما أورده المفسرون، حول قوله تعالى: ﴿ن * وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ﴾ (القلم: ١، ٢) فقد ورد فيها إسرائيليات؛ ففي قوله تعالى: ﴿ن وَالْقَلَمِ﴾ ذكروا أنه الحوت الذي على ظهره الأرض ويسمى اليهموت، وقد ذكر ابن جرير، والسيوطي روايات عن ابن عباس؛ منها: "أول ما خلق الله القلم؛ فجرى بما هو كائن، ثم رفع بخار الماء، وخلقت منه السموات، ثم خلق النون فبسطت الأرض عليه، فاضطرب النون فمادت الأرض؛ أي: تحركت ومالت، فأثبتت أو أثبتت بالجبال".
وقد روي عن ابن عباس أيضًا في معنى ﴿ن﴾ أنه الدواة، ولعل هذا هو الأقرب والمناسب لذكر القلم، وقد أنكر الزمخشري، ورود ﴿ن﴾ بمعنى الدواة في اللغة، ور وي عنه أيضًا أنه الحرف الذي في آخر كلمة الرحمن؛ أي: روي عن ابن عباس هذا، وأن هذا الاسم الجليل فرق في ﴿الر﴾ (الحجر: ١) و ﴿حم﴾ (غافر: ١) و ﴿ن﴾ (القلم: ١) واضطراب النقل عنه يقلل الثقة بما روي عنه؛ ولا سيما الأثر الأول عنه، والظاهر أنه افتراء عليه أو هو من الإسرائيليات ألصق به -رضي الله عنه.
وإليك ما قاله إمام حافظ؛ وهو الإمام ابن القيم إمام حافظ ناقد من مدرسة اشتهرت بأصالة النقد، قال في أثناء كلامه على الأحاديث الموضوعة: ومن هذا حديث أن ﴿ق﴾ جبل من زمردة خضراء، محيط بالدنيا، كإحاطةِ الحائط بالبستان، والسماء واضعة أكنافها عليه، ومن هذا حديث أن الأرض على صخرة، والصخرة على قرن ثور، فإذا حرك الثور قرنه تحركت الصخرة؛ فهذا من وضع أهل الكتاب الذين قصدوا الاستهزاء بالرسل.
وقال الإمام أبو حيان في تفسيره لا يصح من ذلك شيء ما عدا كونه اسمًا من أسماء حروف الهجاء، ولعل هذا الرأي بأن ﴿ق﴾ و ﴿ن﴾ إنما هي أسماء


الصفحة التالية
Icon