ولا يخفى أن السور التي صحت في فضلها الأحاديث هي الفاتحة والزهراوان -أي البقرة وآل عمران - والأنعام والسبع الطوال مجملة وسورة الكهف وسورة يس، والدخان والملك والزلزلة على اختلاف في تصحيح هذه الأحاديث أو تحسينها وسورة النصر والكافرون والإخلاص والمعوذتان، وما عدا هذه السور لم يصل إلى علمنا أنه صح فيها شيء يرقى إلى درجة الصحة، وأصح ما ورد في فضائل السور ما ورد في سورة الإخلاص والبقرة، والحمد لله وردت أحاديث كثيرة حسان، وبعضها اختلف العلماء في تحسينها أو تضعيفها، لكن لم تصل إلى حد الوضع.
هيا بنا ننتقل إلى جزء آخر من الأحاديث الموضوعة في أسباب النزول؛ فمن الأحاديث والآثار الموضوعة في كتب التفاسير وما يتعلق بأسباب النزول ما سأذكره في هذه الروايات.
من ذلك قصة الغرانيق، وقصة زواج النبي -صلى الله عليه وسلم- بالسيدة زينب بنت جحش -رضي الله عنها- سبق الكلام تفصيلًا عن قصة السيدة زينب، لكن لا مانع أن نزيد من بيان ما فيها من دخيل، وردود العلماء على هذه الشبهة التي أكثر المفسرون فيما رووا من الأحاديث الباطلة والموضوعة في هذه القصة.
وما روي في سببِ نزولِ قوله تعالى أيضًا: ﴿وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ﴾ (البقرة: ١٤)، روى ابن عباس: أنها نزلت في عبد الله بن أبي وأصحابه، حينما خرجُوا ذات يوم، فاستقبلهم نفرٌ من الصحابة، فقال ابن أبي: انظروا كيف أرد هؤلاء السفهاء عنكم، فأخذ بيد الصديق -رضي الله عنه- فقال: مرحبًا بالصديق سيدٍ بني تميم، وثاني رسول الله في الغار، وأخذ بيد عمر فقال: مرحبًا بالفاروق، ثم أخذ بيد علي فقال: مرحبًا بابن عم النبي وختنه - الختن؛ أي: زوج الابنة فهو زوج السيدة فاطمة رضي الله تعالى عنها- سيد بني هاشم، ما خلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم افترقوا، فقال ابن أبي لأصحابه: انظروا كيف أرد هؤلاء؟ فإذا قابلتموهم فافعلوا مثل ما فعلت.