مستقيم. نعود بعد ذلك إلى الشبهات التي أثارها بعض الزنادقة، وبعض المعادين للإسلام حول قصة السيدة زينب بنت حجش -رضي الله عنها- وقد سبق الكلام فيها، وفي هذه القصة وتفنيد أقوالهم، لكن لا مانع من تكمله الردود في هذا الأمر؛ ليتضح الموقف، ونكون على بينةٍ من هذا الأمر؛ فالآية التي في سورة الأحزاب: ﴿وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا﴾ (الأحزاب: ٣٧).
روى المبطلون كلامًا كثيرًا سبق ذكره: أن الرسول -عليه الصلاة والسلام- ذهب إلى بيتِ زيدٍ في غيبته، فرأى زينب، والريح كشفت عن ستر بيتها فرآها في حسنها؛ فوقع حبها في قلبه؛ من هذا الكلام الخبيث الذي ذكره المبطلون، ونحن نعلم أنه لمَّا حضر زيد أخبرته بكلامِ رسول الله، فذهب زيد وقال: بلغني أنك أتيت منزلي فهلَّا دخلت يا رسول الله، لعل زينب أعجبتك فأفارقها، هذا كلام أورده بعض المفسرين، قال له الرسول -عليه الصلاة والسلام-: ﴿أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ﴾ فنزلت الآية.
يبقي لنا ما هو الشيء الذي عاتبه ربه فيه وهو قوله: ﴿وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ﴾ الرسول -عليه الصلاة والسلام- هو الذي زوجها لزيد بن حارثة مولاه، وكانت معلومة يعرفها رسول الله -صلي الله عليه وسلم- فلما تزوجها زيد كرهت ذلك، ثم رضيت بما صنعَ رسول الله وأمره فزوجها إياه، ثم أعلم الله رسوله بعد أن تزوجها زيد بأن زينب ستكون من أزواجه؛ فكان يستحي أن يعلن الرسول -صلى الله عليه وسلم- ذلك.
فلما حدث بين سيدنا زيد وزوجه بعض الأمور، وأشتكي إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمره الرسول أن يمسك عليه زوجه، وأن يتقي الله، وكان يخشي رسول الله أن


الصفحة التالية
Icon