قوما فسروا الأرض بمعنى نساء الأعداء، والزمخشري يصف هذا التفسير بأنه من البدع. ومن المعلوم: أن الآيات تتكلم عن غزوة الأحزاب وعن بني قريظة، وما أنعم الله به على المسلمين من توريثهم أرض بني قريظة وأموالهم الذين نقضوا العهد وغدروا في غزوة الأحزاب، فحمل الآية على أن أرضًا لم تطئوها نساء الأعداء، هذا تفسير الآية بشيء إن لا يصح، ولا يليق ذوقًا أبدًا.
أمثلة أخرى: تفسير الآية بلغة شاذة أو غريبة:
مع أن القرآن الكريم نزل بأفصح اللغات؛ فوجب على المفسر أن يحمله على أفضل وجوه التأويل، ويبتعد عن تفسير الآية بلغةٍ شاذةٍ أو غريبة، ومن أمثلة ذلك ما ورد في تفسير قوله تعالى: ﴿كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّة﴾ (التوبة: ٨) فالإل معناها القرابة، وقيل: العهد، وقيل: الحلف، ولكن قومًا فسروا الإل بمعنى الله -سبحانه وتعالى- كيف يصح هذا، وأسماء الله توقيفية؟! أي: لا يصح أن يسمى الله باسم إلا إذا جاء صريحًا في آية كالأسماء المذكورة في خواتيم سورة الحشر أو ورد في حديث صحيح، فكلامهم هذا تفسيرٌ للآية بلغةٍ غريبةٍ شاذة.
وخذ مثالًا آخر أيضًا من أمثلة هذا النوع: ما أوردوه في قوله جل وعلا: ﴿وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ﴾ (القصص: ٣٢) فالرهب هنا مقصود منه الخوف، وفي ذلك يقول الإمام القرطبي -رحمه الله-: وهو بمعنى الخوف، والمعنى: إذا هالك أمر يدك وشعاعها، فأدخلها في جيبك وارددها إليك، تعد كما كانت، فهناك قوم فسروا الرهب بمعنى الكُم، وهو تفسير غريب لا يتفق مع مفهوم الآية.