إننا نكر عليه رده لهذه القراءة، وتعلله في ذلك بأن الفصل بين المضاف والمضاف إليه غير جائز عند النحاة. ونقول: إن ذلك جائز عندهم؛ فإذا كان بعض النحاة قد منعه؛ فإن آخرين قد أجازوا الفصل بين المضاف والمضاف إليه بغير الظرف إذا كان المضاف شبه فعل بأن كان مصدرًا أو اسم فاعل، وكان عاملًا النصب فيما هو فاصل كما هو الحال في الآية التي نحن بصدد تفسيرها.
وحتى لو سلمنا: أن قراءة ابن عامر منافية لقياس العربية؛ لوجب قبولها أيضًا بعد أن تحقق صحة نقلها، كما قبلت أشياء ثبتت، وإن نافت القياس مع أن صحة نقلها هي المعتمد، وطبعًا صحة القراءة أولى... إلى آخر الكلام في هذا المثال.
الكلام في هذا تكلم فيه أبو حيان وغيره، ونكتفي بهذا في رد كلام (الكشاف) حيث يتبين لنا أن قراءة ابن عامر قراءة صحيحة يجب قبولها، وقد نص أئمة القُرَّاءَ على أن الاعتماد في قبول القراءة، إنما هو في ثباتها، وصحة نقلها، لا على ما عُرِفَ في اللغة أو فشا أو كان مقيسًا فيها، بل الأثبت الأثر، والأصح في النقل والرواية، وهو ثابت عندنا.
من ذلك أيضًا: ما استحدثه البعض؛ فاستحداث قراءة ليس لها سند صحيح ما قرئ في قوله تعالى: "فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصِبْ" (الشرح: ٧) روي عن بعض الرافضة أنه قرأ فانصِب بكسر الصاد، ويقصد بذلك عليًّا للإمامة، ولا شك أن هذه القراءة من الرافضة، وهي مرفوضة لعدم ورودها من طريق صحيح، سواء كانت القراءة التي يتكلم عنها هؤلاء يرفضون قراءة ثابتة، أو يختلقون قراءةً غير صحيحة؛ فهذا كلام لا يقبل، وإنما هو مرفوض.