يؤدي في النهاية إلى تفضيل المجوسية، ودفع الشريعة، ونفيها أو جعل الشريعتين المجوسية وشريعة الإسلام في كفتي الميزان متساويتين... إلى آخره.
الإمام البغدادي يوضح لنا هذه الحقيقة فيقول: إن الذين وضعوا أساس الباطنية كانوا من أولاد المجوس، وكانوا مائلين إلى أسلافهم، ولم يجسروا على إظهار ذلك؛ خوفًا من سيوف المسلمين، وتراهم تأولوا آيات القرآن، وسنن النبي -عليه الصلاة والسلام- على وفق أُسُسِهِم.
يقول البغدادي: ثم إن الباطنية لما تأولت أصول الدين على الشرك احتالت أيضًا لتأويل أحكام الشريعة على وجوهٍ تؤدِّي إلى رفع الشريعة كليةً، والذي يدل على أن هذا مرادهم بتأويل الشريعة أنهم أباحوا لأتباعهم نكاح البنات، والأخوات، وأباحوا شرب الخمر وأباحوا جميع اللذات، ولم يقف أمرهم عند هذا، بل خلطوا كلامهم بمعتقدات الفلاسفة الخارجين عن دين الإسلام.
وأيضًا يقول الإمام الشهرستاني: ثم إن الباطنية القديمة خلطوا كلامهم بكلام الفلاسفة، وصنفوا كتبهم على هذا المنهج، فقالوا في الباري -تبارك وتعالى-: لا نقول هو موجود ولا موجود، ولا عالم ولا جاهل، ولا قادر ولا عاجز.
وكان لهم هدف معين من أجله كانوا يعملون، من كلامهم كان البعض يقول: أوصيك بتشكيكِ الناسِ في القرآنِ والتوراةِ والزبور والإنجيل، وكانوا يدعون إلى إبطال الشرائع، وذكر عنهم: أنهم أبطلوا القول بالمعاد، والقول بالعقاب والثواب، وقالوا: إن الجنة هي نعيم الدنيا، وأن العذاب إنما هو اشتغالُ أصحابِ الشرائع بالصلاة والصيام، والحج والجهاد.
وقالوا: إن أهلَ الشرائع يعبدون إلهًا لا يعرفونه، ولا يحصلون منه إلا على اسم بلا جسم، كلام فاسد كثير؛ لو أردنا أن ننظر نظرة عابرة إلى بعض نماذج من