مما يدل على كذب الرواية أيضًا الحديث الموضوع الذي رفع عن علي قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لعن الله الزهرة، فإنها هي التي فتنت الملكين هاروت وماروت". قال فيه ابن كثير: لا يصح، وهو منكر جدًّا.
قال المحققون لتفسير ابن كثير: إن الحديث الذي رُفع إلى النبي في شأن الزهرة -أو الزُّهرة- حديث مشكوك في سنده، والأحاديث التي رويت عن السلف لا تخرج عما جاء في هذا الحديث، وهي، وإن صح بعض أسانيدها، فهي من السمعيات التي لا تثبت إلا بخبر عن المعصوم، فالروايات من الإسرائيليات التي لا تستند إلى برهان أو إلى دليل، ومن هنا يظهر لك أيها الباحث أن الروايات في هذا وفي هذه القصة كلها من الإسرائيليات.
ثانيًا: نأخذ نموذجًا آخر، ألا وهو ما ورد في قصة أيوب -عليه السلام- هذا الرسول الذي مدحه الله في كتابه بأنه كان من الصابرين، الآيات في شأن أيوب وردت في أكثر من سورة، قال تعالى: ﴿وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ﴾ (الأنبياء: ٨٣، ٨٤) وقال تعالى: ﴿وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ * ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ * وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ * وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ﴾ (ص: ٤١ - ٤٤).
واضح في هذه الآيات أن أيوب -عليه السلام- اختبره ربه بالمرض، فدعا ربه بأدب: أنت أرحم الراحمين، إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين فاستجاب الله له دعاءه، كشف عنه الضر، آتاه أهله، ومثلهم معهم، والآيات الأخرى: