ومن الأحاديث: ما ورد عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- والذي أخرجه الإمام أحمد في مسنده قال: أتى عمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بكتاب أصابه من بعض أهل الكتاب، فقرأه عليه، فغضب النبي، وقال: ((أمتهوكون فيها يا ابن الخطاب؟ والذي نفسي بيده لقد جئتكم بها بيضاء نقيةً، لا تسألوهم عن شيء يخبرونكم بحق فتكذبوا أو بباطل فتصدقوا به، والذي نفسي بيده لو أن موسى كان حيًّا ما وسعه إلا أن يتبعني)) وأحاديث كثيرة في البخاري وغيره، ها هو حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: "كان أهل الكتاب يقرءون التوراة بالعبرانية، ويقرءونها بالعربية لأهل الإسلام، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا تصدقوا أهل الكتاب، ولا تكذبوهم، وقولوا: ﴿آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا﴾)) ".
ومنها أيضًا: ما رواه البخاري عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "كيف تسألون أهل الكتاب عن شيء، وكتابكم الذي أنزل على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أحدث؟ تقرءونه محضًا -أي: خالصًا- لم يشب، وقد حدثكم أن أهل الكتاب بدلوا كتاب الله وغيروه، وكتبوا بأيديهم الكتاب، وقالوا: هو من عند الله ليشتروا به ثمنًا قليلًا، ألا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مسألتهم، لا والله ما رأينا منهم رجلًا يسألكم عن الذي أنزل عليكم". والحديث العام الذي رواه ابن مسعود أيضًا، وذكره ابن حجر أنه قال: "لا تسألوا أهل الكتاب، فإنهم لن يهدوكم وقد أضلوا أنفسهم، فتكذبوا بحق أو تصدقوا بباطل".
أحاديث صحيحة، وآيات صريحة، كلها تدل على المنع من الأخذ عن بني إسرائيل.
أما الطائفة الثانية، وهي النصوص الدالة على الجواز والإباحة بالأخذ من بني إسرائيل، فهي كثيرة أيضًا، منها قول الله سبحانه: ﴿سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ﴾ (البقرة: ٢١١) وقوله: ﴿فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ﴾ (يونس: ٩٤) ومن الآيات أيضًا قوله: ﴿قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ (آل عمران: ٩٣) آيات صريحة.